المنبرالحر

مغالطة / قيس قاسم العجرش

تسع سنوات قضاها في الكلية. كلما أتذكر وجوده، أتذكر معه سؤآله المبتسم دائماً:» هل لديك قلم جاف للإعارة؟».
تسع سنوات لم يتكلّف فيها عناء التفكير صباحاً، قبل أن يخرج من القسم الداخلي في ما قد يحتاجه لإتمام يومه الدراسي بسلام.
تسع سنوات طويلات، ثلاث منها قبل دخولي الى الكلية واثنتان بعد أن تخرجت منها وتركته يقاوم!
لسبب ما لن اراه بعد اليوم، إلا إذا قررت أن ازوره في محافظته لأسأله: في اي تخصص بالضبط حصلت على الدكتوراه يا جناب السيد عضو مجلس المحافظة؟!
كيف تفكر اليوم باحتياجات الناس؟ هل تدبر طلباتهم بنفس الطريقة التي كنت تؤمن بها لنفسك قلماً جافاً؟
كانت جمعة دافئة، جمعتنا فيها مائدة ضيفها السمك المسكوف ومنزل صديق مشترك، كان سيادة اللواء قد بدأ للتو بالحديث في موضوع سياسي تتساقط فيه أسماء الدول وأسماء أجهزة مخابراتها بغزارة!.. والجميع يرددون الأصوات العراقية المعروفة من قبيل:» ايباااه...تت ..تت ..ت «...أو الجملة الشهيرة» متى يخلصنا الله من هذه المحنة؟!».
قلت:» مع تأليف الحكومة الجديدة، أخيراً ستحضون بوزير للداخلية..مو؟»
فأجابني بكل جدّية: وماذا يعيب الوزير الحالي؟
قلت:» أولاً ...ليس هناك وزير حالي، الموجود هو فقط وكيل طويل الأمد..ثانياً ليس هناك من حكومة تحترم رأي الناس فيها تترك مقعدين شاغرين لوزيري الدفاع والداخلية وهي وسط حرب ضروس ضد الإرهاب».
وقبل أن يرد، قلت:» وعندما أرى العسكر يتحدثون في السياسة حصراً.. فإن الأمر أكثر من خطير.. إنس الموضوع ياعزيزي واستمر في تناول السمك وحاول أن تتخلص من العمل في وزارة بلا وزير منذ اربع سنوات».
«ليسوا خمسين الفاً .. إنما العدد أقل من ذلك بكثير..»
كم في رأيك؟....خمسة آلاف مثلاً؟......ألفان؟......اكشف لي عن عشرة فقط كي اصدقك ويصدقك الناس.
لدى أعضاء البرلمان من يحميهم، عشرون، ثلاثون...ربما مائة .
ولدى الرئيس من يحميه، وكذلك لديه من يستشيره، وهذا الأخير نسميه مستشاراً للرئيس.
ولدى نائب الرئيس ثلاثة يحملون هذه الصفة، ولديهم من يحميهم ولديهم من يستشيرونه!
ولرئيس البرلمان من يستشيره ، كذلك هناك مستشار لكل من نائبي رئيس البرلمان.
وهؤلاء المستشارون بينهم مرشحون خاسرون في الإنتخابات، إذن: لا خاسر في الإنتخابات! فالجميع إما نواب للرئيس أو مستشارون لنواب الرئيس.
طبعاً لن يغيب عن مخيلتنا هنا التصرف غير المسؤول لبعض عاملي النظافة في البصرة، حين توقف أجرهم اليومي نتيجة عدم اقرار الموازنة، حيث عمدوا بلا ذوق ولا مسؤولية الى رمي الأزبال وسط الشوارع..!
هؤلاء ايضاً خاسرون.. في الإنتخابات وقبلها وبعدها!