المنبرالحر

ناس وناس / سمير السعيدي

ناس وناس ، لاتعني ناس الأمس واليوم ، وقد تعنيها . وهي ليست ناس فوق وناس تحت ، ولا ناس من ناس ، ولا ناس بلعت ( الأكو ) وناس تتحسر ع ( الماكو ) ، ولا ناس تُحاصر وتطارد وتحارب لانها تعشق بلدها ، وناس تتبوأ ما تريد ، لانها تبيع كل شئ كما يريدون ، وعلى بياض ، ومن دون حرقة قلب ، ولاحتى وخزة ضمير مستتر ، لان الظاهر ظاهر للعيان في مزاد بيع المدن والمعادن والناس والمياه . ولا ناس وناس من النسنسة على النار ، التي تشوى بها قلوب المتيمين بوطنهم واهله وناسه ، وقد تكون كذلك .
ناس وناس ، هي الناسي والناس ( أي المغلّس ) وهو استخدام مفرط الحساسية ، سمعته لاول وهلة من الراحل المناضل والشاعر حسن النهر ، الذي لا يتحدث عن نضالاته ولا عن شعره ، وهو رفيق كامل الچادرچي، وأب لكوكبة من ابنائه الشهداء في مسيرة تاريخ الناس في البحث عن الكرامة والحريّة ووطن أحلى ، هو ابن الصويرة التي انجبت الزعيم عبد الكريم قاسم ، واحد مؤسسي مجلس السلم العراقي عام 54 من القرن الماضي . كنت التقيه يومياً تقريبا ً في مقهى الروضة الدمشقي أوائل الثمانينات ، وكان مشهده المتزّن بالكوفية والعقال يمنحنا المزيد من النور والتفاؤل والحس الوطني الذي لا يميّز بين ربطة عنق وعقال أو عمامة . يكتب الموال الزهيري بتمكّن الأصلاء ، ومنه سمعت «يا حيف دهري صفه ما بين ناس وناس» التي نعنيها هنا. وهو لا يقبل ان ندوّن ما يقوله ، كي يحتفظ بنا ونحتفظ به جليسا ً متنورّا ً بروح المعرفة والعلم والصحبة الاجتماعية . وهو معاصر للشاعر ملا عبّود الكرخي ، الذي لو كان أحدهما بيننا اليوم ، لسألناه : كيف شخّص الملا عبّود حكومتنا الحالية قبل سبعين عام ، بقوله في قصيدته الطويلة ( قيّم الرگاع ) :
ياحكومتنا الرشيده أم الوقار
الفساد المالي ، عنوان إلچ صار
ندري جابوكم بدبّابه وقطار
ليش ضلّيتو سمچ .. ياكل سمچ ؟
قيّم الرگاع من ديرة عفچ
حاولت بكل السبل الحصول على موّال حسن النهر الذي سمعته منه ، فلم أفلح ، رغم ان هنالك من استخدم ذات المفردة الآن ( ناس وناس ) ، ولكن بنسيج آخر مختلف غير الذي يلوح ببالي ، وكتبه النهر.