المنبرالحر

الترشيد في الشعارات / قيس قاسم العجرش

لأول مرّة، منذ 11 عاماً تقع الحكومة في مأزق الترشيد إضطراراً، حتى سمعنا وزير المالية يتحدث عن ضرائب منتقاة قد تلجأ اليها الحكومة لسد العجز.
وخلال السنوات السبع الماضية، تصاعدت مداخيل العراق من النفط بشكل مضطرد ولم تبدأ بالتراجع إلا قبل شهرين تحديداً، حين بدأ انهيار اسعار النفط الخام عالمياً ليشعل إنذاراً أحمر هذه المرّة.
والعجز بكلمات مبسطة هو نقصان المدخول النقدي عن المستوى الذي يؤمن تسديد ابواب المدفوعات. يعني افواه اكثر ونقود أقل.
لكن كل الموازنات السابقة كانت تقرّ بمبدأ العجز ابتداء، ومع هذا كانت هناك في نهاية العام مبالغ (مدوّرة) اي إنها "فضلة" من التخصيصات التي لم تستنفدها الصرفيات.
لكن كيف كان هذا يحدث؟
ببساطة، لم تكن أجهزة الدولة قادرة على صرف كل ما يخصص لها، وبقيت نسب الصرف متواضعة (الصرف وليس التنفيذ)، حتى إن بعض المحافظات انفقت من موازناتها الإستثمارية مبالغ لا تتجاوز 7بالمائة فقط في الاعوام 2011-2013.
إذن، كان سوء التنفيذ ومعرقلات الصرف وتحجّر المشاريع، تساعد في سد العجز!.
لكن ما تواجهه الحكومة اليوم هو عجز مُضاعف. فمن جهة يبدو ان الموجودات المالية التي استلمتها الحكومة تعرضت لفوضى مُمنهجة. ومن جهة أخرى انزلقت أسعار النفط الخام بطريقة تبخر معها التفاؤل.
فمن أين ستأتي الحكومة بالأموال لسد العجز؟
أول شيء يجب أن تلعبه الحكومة بصورة مدروسة هو الإستفادة من الدعم الدولي للحرب على الإرهاب.
فمن الطبيعي أن يحصل العراق على تمويل دولي يتناسب مع ما يقدمه بالنيابة عن المجتمع الدولي في هذه الحرب. بمعنى آخر، تحويل الوعود الغزيرة التي اطلقتها الدول الكبرى إبّان مؤتمر باريس لمكافحة الإرهاب الى خطوات عملية غير مشروطة، ولا تعرقلها مصالح هذه الدول في الخفاء بينما "يدكّون صدورهم!" بإعلان المساندة للعراق.
أما اللجوء الى ابتكار الضرائب "الذكية" التي تستهدف المداخيل العليا وتعفي المداخيل المتدنية فإنها طريقة نافعة بالتأكيد، وهي ممكنة حتى في الأسواق غير المستقرة مثلما الحال في العراق.
لكن يبقى الأسلم أن تلجأ الحكومة الى تقنين انفاقها المُسرف والذي تحول الى" تقاليد" اهدار و تبذير في دوائر الدولة.
مطلوب احصاء الإيفادات الترفيهية والتبذيرية وكذلك الأبواب المفتوحة على المصاريع في شراء السيارات والآثاث والتوسّع في غرف الموظفين الذين يعدون بالملايين. فبدلاً من هذا كلّه الأفضل.. والأقل تكلفة هو إيجاد" عمل " حقيقي لممارسي البطالة المقنّعة والتفكير في إحياء الزراعة والصناعة والقطاعات التي تتطلب مزيداً من الايدي العاملة .. ثم بعدها سنكون سعداء في الإستماع لشعارات الترشيد.