المنبرالحر

أكلات فضائية وما شابه! / يوسف أبو الفوز

في الايام الاخيرة، لا يمكنك ان تفتح صحيفة عراقية، إلا وتجد مقالا أو تعليقا يتناول ظاهرة «الفضائيين» في حياة العراق الجديد! ، وقد أثار أرتياح الغالبية من أبناء الشعب ما قام به رئيس الوزراء حيدر العبادي من خطوات جريئة لمعالجة هذه الظاهرة، مصحوباً بأستياء علني وخفي من بعض الجماعات المتضررة من الفضائح المرتبطة بهذه الظاهرة ، التي تعد واحدا من أبرز عناوين حالة الفساد المستشرية في بلادنا، وبشأنها يتفق الكثيرون على انها تهدّ نفوذ الدولة وهيبتها، فلا يعقل ان دولة ما وهي تواجه عدوا شرسا، دمويا، حل بظهرانيها تحاربه يمكن لها أن تنتصر بجيش وهمي ، هوائي، لا وجود له إلا على الورق؟!.
قال جليل : ان تصاعد الحملة ضد الفساد سيعزز من وضع الحكومة وشعبيتها، فالفضائيون موجودون في كل الميادين. وأعادت سكينة تذكرنا بما نقلته وسائل الاعلام عن ان الادعاء العام العراقي أعتبر ذلك جرائم حرب. فعاد جليل الى القول: ان معركة العراقيين ضد الفساد لا تقل أهمية وخطورة عن المعارك مع قوى الارهاب وهذا يتطلب من الدولة العراقية أعتماد آليات واجهزة يعتمد عليها، وان تكون الاجراءات الرادعة حاسمة. قالت زوجتي : هناك من طالب بان تسجل هذه الظاهرة بأسم العراق في موسوعة «غينيس». حاولت التماشي مع سخريتها، لتخفيف اجواء النقاش الجادة فقلت: لو حصل هذا فيجب ان يسجل الاكتشاف بأسم (ابو جليل) . انتبه الي الجميع، ويبدو ان جلوسي قريبا من ابي جليل، جعله يسمع ما قلت جيدا، فلم يشفع لي ضعف سمعه، فمط رقبته محتجا: شنو عمي مكتشف قبغ القوري؟ وسط ضحكات الجميع ذكرتهم كيف أحتد ابو جليل يوماً ،وقبل سنتين، في نقاشه مع صديقي الصدوق أبو سكينة وهما يتناولان موضوع الفساد المالي، وكانت العديد من الاصوات قد تصاعدت تطالب بتدخل «القضاء» العراقي، فقال : البارحة ابني جليل حكى لي كل التفاصيل وفهمتها، هذا الموضوع بالذات قضية بسيطة جدا،هي مشكلة سياسية فضائية، يعني وانت العارف يمكن حلها بتصريح فضائي من (أبو فلان) وتعقيب فضائي من (أبو علان) في ساحات الفضاء العراقي وأبوكم الله يرحمه. كتّم العديد ضحكاتهم حتى لا يزعل ابو جليل، وقالت زوجتي محاولة اعادة الاجواء الجادة : ان القوى الوطنية النزيهة مطالبة بالقيام بحملة وطنية واسعة ضد الفساد. سعل ابو سكينة واكمل: لا عاب لسانك يا بنتي، فعلا مطلوب حملة وطنية حقيقية ضد الفساد والا راح تفّلس الدولة بسبب الفضائيين والهوائيين ، والناس يصير عليها حسرة تأكل حتى ولو أكلة فضائية، مثلا .. «مرقة هوا» !
واذكرك ــ عزيزي القارىء ــ بهذه الطبخة العراقية التي يعرفها الفقراء جيدا، فمكوناتها فقط قطرات من الزيت مع الماء والمعجون والملح واحيانا القليل من البصل، وأسمها «مرقة هوا» لأنها خالية من اللحوم والخضراوات وما شابه !