المنبرالحر

فضائيون..؟ والخافي أعظم / علي ابو عراق

مع تكشف وانكشاف صفحات كارثية جديدة من مسلسل الفساد الخرافي الرهيب للحكومات العراقية المتعاقبة التي ضربت أرقاما قياسية في ابتكار وإنتاج كل ما هو مخجل ومسيء ومنحط ومنتهك لأبسط حقوق وتطلعات العراقيين... طبعا إضافة إلى خصيصتها الأثيرة الراسخة في سفرهم الأسود وهو الفساد بكل وجوهه وألوانه وأشكاله... والتي ولشدة حرفيتهم وإتقانهم لها تجعلني على يقين أن ليس ثمة من سبقهم إليها ..فهم أساتذتها دون منازع ...وعلى الرغم من معرفة الناس لذلك واعتيادهم عليه.. لكن بعد الفضيحة الأخيرة.. يشعر الناس بنوع جديد من الصدمة والذهول أكثر من الصدمات السابقة لأنها وحسب ما يرون أشد بؤسا وإيلاما...للحد الذي راح الكثير منهم يتراجعون كثيرا عما رسموه من آمال وطموحات في عراق جديد ويدخلون في مقارنات ومقاربات موجعة وحادة مع النظام السابق، الذي اتفقنا جميعا بأنه أسواً نظام عرفته البشرية على الإطلاق ، وكانت مثل هذه المقارنة من الأمور التي يستنكف منها اغلب العراقيين إلى وقت قريب ...وهذا بنظري لا يمكن النظر له بقليل من الاهتمام، ..... أو اعتباره من الأمور التي تندرج ضمن سياق ممكن مناقشته دون الكثير من الغضب والشعور بالخيبة.. وما لا يقدر من الأسى والتفجع...هل من المعقول أن يجنح الناس إلى ماض تذوقوا فيه المرارات والكوابيس والعذابات والانتهاكات كلها... بحاضر كان من المفروض أن يكون نقيضا لما قبله بكل المعاني والمقاييس ....هل من المعقول أن يستمرئ الناس نظام البعث وجور الطاغية صدام حسين وعصره الدموي.ثانية..؟ أليس هو بسبب ما يبتكره سياسيونا الجدد من جور وفساد وخراب والذين ضربوا أمثالا نادرة واستثنائية في البؤس السياسي والانحطاط الأخلاقي والهزال الوطني والرثاثة الشخصية والسلوكية والقدرة المريعة على سرقة ونهب مواطنيهم للحد الذي إذا ما ذكرت أفعالهم تطرق كلمة (حرامي) إلى الأرض خجلا منهم ..هؤلاء الذين لم تتوقف شهيتهم يوما عن ابتلاع (وشفط) وسرقة كل ما يقع تحت أنظارهم وأيديهم في سعار كلبي ونهم ذئبي دون خجل وترو...(طبعا نحن هنا لسنا بصدد ذكر رواتب البرلمانيين والوزراء والرئاسات الثلاث ) فلها شأن آخر ..ولعل الناس ذهبت ابعد من المعتاد في تساؤلاتها المشروعة..فمن المنطقي والمؤكد أن يقولوا أليس هؤلاء في غالبيتهم..؟ هم الذين يتحدثون عن مخافة الله واليوم الآخر والحساب والكتاب والغيب والملائكة ...أليس هؤلاء هم الذين لا يكفون عن ترديد (يا ليتنا كنا معكم...فنفوز فوزا عظيما ) ...أليس هؤلاء الذين يتظاهرون مراءاة بأنهم يتبعون خطى الأئمة الصالحين ويمشون على المحجة البيضاء...أليس هم من يتظاهرون بكذا وكذا من اتباع الموروث الأخلاقي لعلي بن ابي طالب (ع) ...اليس هؤلاء..؟ أكثر سوءا من أزلام العهد السابق ...ليس هذا من قبيل التحريض أوالتجني أو غرض خارج حدود الحرص على الوطن والناس ، والذي يجعلنا على يقين من مرارة هذه التساؤلات وأجوبتها الأكثر مرارة ...أن الحكومات السابقة واللاحقة ولدت من رحم أحزاب ذات توجهات يعرفها الجميع وهي ما يسمى بالأحزاب الدينية وهي دون استثناء شعارها المعلن مخافة الله، وشعارها السري الفتك بعباد الله...وإذا كان بعض البعثيين قد تغلغل وتوغل وتغول في صفوفهم فهو بمباركتهم ورضاهم وليس بغفلة منهم ..وهم في النهاية في موضع المسؤولية عن هذا ولن يجدوا أي تبرير لذلك ....وإذا كان الفضائيون في الجيش والشرطة وبعض الدوائر ..هو من صنع فاسدين وبعثيين كما نسمع من تبريرات...فكيف نفسر فضائيي الأحزاب وهي والحمد لله كثيرة جدا للحد الذي تكون فيه عصية على العد والإحصاء...هل تعلمون أيها السادة أن لكل حزب عشرات الآلاف من الفضائيين... يتقاضون المليارات من الدولارات ويحصدون مختلف المكاسب ويتسنمون أعلى الدرجات لا بعلم ولا بسلطان مبين .... وهذا منذ سقوط النظام البائد ولحد الآن ...فكل وزير يتسنم مسؤوليته يوظف الآلاف من حزبه بأشكال وأسماء وصفات شتى كحراسات لمسؤولي حزبه في الحكومة والبرلمان سواء من الذين في الخدمة أومن المتقاعدين أو من الذين يتقاضون أجور نضالهم (السلبي) في هذا الحزب أو ذاك أو من ما يسموه بالمستشارين ووكلاء الوزارات وغيرهم وتتحول وزارته أي منهم إلى سماء رحبة وواسعة لفضائيين لا حصر لهم يندرج ضمنهم حتى رجال دين كمرشدي دوائر ومؤذنين ومساعدي مؤذنين وقوى ضاربة و(بودي كار) واستخبارات وجواري وعشيقات وغيرها ....ولو قدر لك أن تذهب لبعض دوائر سوف تتشرف برؤية الكثير من المعممين وغير المعممين الذين يداومون يوماً واحداً في الأسبوع لتبرئة ذممهم الناصعة من الفساد ... ولو تنبه رئيس الوزراء العبادي لهؤلاء الفضائيين المشرعنيين بقوة وسلاح أحزابهم وكارثة المحاصصة التي سوف لن تخرج العراقيين من قبوهم المظلم لعقود، لأصبح الرقم الذي كشف عنه من الفضائيين هو رقم تافه لايذكر بهذه الجيوش القابعة في دهاليز الوزارات والأحزاب وأقبيتها....أيها ألعبادي وأنت تضع قدمك على الطريق الصحيح ..نقول لك بصدق عراقي كبير غيبته غيوم الفساد والخراب.. لسنا بحاجة إلى مزيد من اللصوص يمتصوا ما تبقى من دماء العراقيين...لسنا بحاجة إلى فضائيين أو أرضيين هدفهم إرجاع العراق إلى الخلف ...وأن أردت ان تكسب دعمنا وتقديرنا واحترامنا تنبه إلى هؤلاء الفضائيين المستترين ..وان بلغ عدد الفضائيين الذين كشفت عنهم المئة أو المئتي ألف فأن ما خفي هو أعظم ...ليكن أحدكم عراقيا ولو لمرة واحدة...وانسوا ما نساه حتى اللصوص والحرامية باعتبار الفساد واللصوصية ونهب المال العام سلوكا باليا ومتخلفا ولا يليق بسياسيين يقودون عراقاً ديمقراطياً مزدهراً.