المنبرالحر

حول أهمية التعليم الحديث في الحياة / صباح جاسم جبر


ان الاساس في تطور الشعوب والأمم وازدهارها وتقدمها، يتوقف على مدى تطور التعليم ومدى سعته وانتشاره، بمعنى ان المجتمعات تتطور وترتقي بفضل التعليم المتطور، لا سيما عندما يرتبط التعليم بحاجات السوق ومستقبل المجتمع، وهذا يعتمد على مجموعة عوامل، في مقدمتها مدى فهم القائمين على السياسيات التعليمية واستيعابهم ما يجري في عالمنا الكوني من تطورات متسارعة في حقول العلم والتكنولوجيا.
ان التعليم الحديث ساهم في إحياء أمم ومجتمعات كان لها أن تموت أو تظل في القاع. فاليابان مثلا، التي خرجت من الحرب العالمية الثانية مضرجة بالدماء، وبنيتها التحتية منهارة ومدمرة، استطاعت النهوض من جديد، لا سيما اننا نعلم ان اليابان بلد لا يملك من الموارد الطبيعية إلا النزر اليسير السؤال هنا ماذا فعلت اليابان لكي تنهض من جديد وبقوة كبيرة؟ ان اليابان كدولة ومجتمع وضعا إصبعيهما على العامل الحاسم لإنقاذ البلاد، وهو التعليم، وليس أي تعليم، وإنما التعليم المتطور الحديث المؤسس على المنهجية العلمية، والمرتبط ارتبا?ا وثيقا بحاجات السوق ومستقبل الناس واهتماماتهم. وبفضل التعليم أصبحت اليابان من أهم الدول الصناعية على المستوى العالمي.
كذلك ان هناك دولا تقدمت وازدهرت بفضل التعليم المتطور مثل سنغافورة وكوريا والصين وماليزيا، اللاتي اجتاحت منتجاتهن الأسواق العالمية.
ان التعليم الحديث المتطور يؤدي إلى انتاج تنمية متطورة اقتصاديا واجتماعيا وفكريا وثقافيا، وبالتالي ينعكس التطور الإيجابي على تطور التعليم، وهكذا تستمر الحياة في تقدم وازدهار. وعلينا كدولة ومجتمع، إذا أردنا أن نؤسس لمجتمع متطور، ينبغي أن نهتم بتنمية الموارد البشرية، وهذا لا يتم إلا من خلال التعليم الحديث المتطور، وإن ذلك يستلزم تخصيص ميزانية استثنائية بحجم يتناسب مع ما نصبو إليه، ولتحقيق الأهداف المرجوة ينبغي الاهتمام بما يلي:
- بناء المدارس وفق الشروط التربوية العالمية، بحيث تصبح المدرسة مكانا جاذبا.
- أن تكون وظيفة المدرسة تنمية المواهب وتطوير القدرات البشرية، وتحقيق التوازن بين حاجات التلميذ وميوله واتجاهاته، والحاجات الاجتماعية وتنميتها.
- الاهتمام بالمعلم - باعتباره ركنا أساسيا من أركان العملية التربوية ماديا وثقافيا، من خلال إشراكه في دورات تربوية وتثقيفية تساهم في رفع مستواه علميا وتربويا وثقافيا.
- اعتماد العمل الجماعي بين التلاميذ، واعتباره مبدأ أساسيا في العملية التربوية التعليمية.
- إشاعة روح التسامح والمحبة والتعاون بين التلاميذ، وتعليمهم مبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان.
ان للتعليم المتطور الأثر الحاسم في تقدم المجتمعات ثقافيا واقتصاديا واجتماعيا، وذلك لقدرة التعليم المدرسي المستند إلى المنهجية العلمية والامكانات المتطورة، على صناعة العمل الاجتماعي المنتج، الذي يؤدي وبشكل خلاق إلى إطلاق إمكانات تاريخية تكون مؤثرة في أصل وقوة العمل الاجتماعي.
وأخيرا لا يسعني سوى القول ان المجتمعات لا تتحقق انسانيتها وحياتها الكريمة، إلا من خلال التعليم الحديث، ولا بأس أن نستفيد من التجارب العالمية التي أشرنا إلى بعضها، ونبدأ من حيث وصلت من تطورات في ميدان الرؤية الحديثة للتعليم والتعلم بعد دراستها وتفحصها.