المنبرالحر

نعيم عبعوب شخصية العام 2014 / محمد الجاسم

شهد العام 2014 ومضات من الأحداث الغريبة في التأريخ والجغرافية للبلدان جميعاً وللعراق على وجه الخصوص..ولم يكن أسوأ الأعوام على العراق من حيث الحدث الأبرز في السوء في احتلال تنظيم داعش الإرهابي لمحافظة نينوى ومدن أخرى من البلاد فحسب..لكنه العام الأسوأ للعراق من حيث بروز ظواهر سياسية وإدارية غاية في الغرابة..ويذهب البعض الى أن هذا العام الذي سينصرم بعد وقت قصير،قد شهد أكبر كشف ومكافحة لظاهرة الفساد المالي والإداري والسياسي المستشري في البلاد، وكشف ومعالجة أسوأ ظاهرة نخرية في المؤسسات الأمنية للدفاع والداخلية والوزارات الأخرى بقدر أقل،الا وهي ظاهرة ما اصطلح عليه شعبياً ب(الفضائيين).
لقد وجدت ـ أنا بتشخيصي المتواضع ـ أن للعام 2014 أيضاً رجالاً وشخصياتٍ دخلت التأريخ ،سواء بتميزها الأدائي أو بدخولها موسوعة (فلس) للأرقام القياسية بالعدمية التي لاترقى حتى لمستوى الفلس.
نعيم عبعوب..مواطن عراقي من مواليد العام 1969 في محافظة ميسان لديه شهادة جامعية أولية في الهندسة الزراعية وشهادة عليا (ماجستير) في إدارة المشاريع والتخصص في مجال البيئة من جامعة سانت كليمينتس التي لم يعترف بها في العراق لحد الآن، كما أنه سياسيّ محسوب على إئتلاف دولة القانون،وأصبح وكيل امانة بغداد للشؤون البلدية حسب المرسوم الجمهوري رقم 65 لسنة 2010 بحضوة من الحكومة السابقة رغم أن عنوانه الوظيفي (مهندس أقدم)،ثم أصبح أمين بغداد بعد الحملة التي شنها إئتلافه على الأمين السابق المهندس صابر العيساوي المحسوب على المجلس الأعلى الإسلامي العراقي والتي أفضت إلى إزاحته وفق سياقات الحرب الداخلية التي تبناها رئيس الحكومة السابق على مناوئيه السياسيين وشركائه في التحالف الوطني وشركاء العملية السياسية الآخرين.
ذاع صيت السيد نعيم عبعوب في بغداد والعراق بسبب قنبلة (صخرة عبعوب) الإعلامية ،تلك الصخرة التي إدعى السيد عبعوب بأنها كانت هي السبب في فيضان بغداد في موسم أمطار سابق وهي التي تزن مائة وخمسين كيلوغراماً..دون أن يعترف بفشل مؤسسته في درء خطر فيضان العاصمة وعجز منظومة المجاري بتصريف مياه الأمطار.
ومن المستغرب أن موضوعة القنبلة الإعلامية لصخرة عبعوب التي تندّر بها الكبار والصغار والعقلاء والمجانين لم تُثنِ الرجل من الترشح لأنتخابات مجلس النواب عن كتلة الوفاء ضمن إئتلاف دولة القانون الذي يرأسه رئيس الحكومة السابقة،وعلى أثر ذلك قام الرجل بحملة إنتخابية تمثلت بزيارات ميدانية لدواوين شيوخ عشائر وفعاليات جماهيرية في مدينة الثورة مرتدياً اللباس الرسمي (بالقاط والربطة) وأحياناً باللباس العربي (العباءة) في الوقت الذي كان يتوقع فيه مواطنو بغداد أن يروا أمين بغداد مرتدياً بدلة العمل الزرقاء وحذاء الخدمة الآمن ويتفقد الدوائر البلدية ويقف على أطنان النفايات التي تتوزع هنا وهناك من مناطق العاصمة ويوعز للدوائر البلدية برفعها وتنظيف العاصمة من آثارها الصحية السلبية.
لقد تحول الموظف العمومي صاحب المنصب الرفيع في حكومة العاصمة إلى بطل الكوميديا السوداء والشخصية الكاريكاتورية ذات التصريحات الغريبة والمضحكة والمثيرة للشفقة..بعد أن وصف مدينة دبي بأنها (زرق ورق)..وأن الصين تنتج مياهاً لا ترقى الى إنتاج العراق ..وإن بغداد أجمل من أوروبا.لقد أخذت النرجسية المريضة بهذا المهندس الزراعي لأن يتصور بأن نعيم عبعوب وسيم بغداد بدون منازع وأنه أجمل من أمين طهران ،لا بل أن فتيات طهران معجبات به كثيرا لأنه أجمل من أمين طهران..وأن الأمهات في حدائق الزوراء يدفعن أطفالهن ليلتقطوا الصور التذكارية مع وسيم بغداد.وآخر تصريح للمهندس عبعوب في لقاء إعلامي مع أحدى الفضائيات قال " نحن فضحنا انفسنا وهذا [عيب]والله العظيم [عيب] حيث ان الفساد موجود في اليابان لكن لايعترف بذلك ،وان الفساد في اليابان اكثر مما موجود في العراق ودليل ذلك ان متر المقرنص في العراق يتم انجازه بملغ [40]دولارا في حين يتم انجاز المتر في اليابان بـ[5] الاف دولار والفرق نحن غير منظمين وهم منظمون".
لقد تحول المسؤول الحكومي ،من حيث يقصد ولايقصد، إلى إضحوكة ومدعاة للإستهزاء والسخرية بالوظيفة العامة والمنصب التنفيذي وانتقاصاً من الجهاز الحكومي الذي يمثله هذا الرجل لدى الكثيرفي الإعلام وقنوات التواصل الإجتماعي .إن الرجل الذي إقترن إسمه بصخرة المجاري الإسطورية أصبح ظاهرة إعلامية إرتبطت بممارسة التسخيف والتسطيح في التصريحات التي كانت تبدر منه وتحويله إدارة اللقاءات الصحافية معه إلى مناسبات للتندر والنكتة السمجة.
نتمنى على حكومة الدكتور العبادي ـ وهو يغذُّ الخطى الواثقة على طريق تشذيب مسيرة حكومته من أدران الماضي المثقل بالتركة السلبية والفساد والتخلف وتحقيق برنامجه الحضاري ـ أن تشمل تحركاته جميع المناصب والأشخاص الذين أساؤوا الى هيبة الدولة وأفرغوا مناعة المنصب من أدوات صحته وعافيته..
وربّ قولٍ أنفذ من صول.