المنبرالحر

هل ينتظر الوطن كثيراً؟ / قيس قاسم العجرش

الشبه بين النازية وبين داعش قائم وسهل الإثبات. إحتلت النازية شعوباً واستعبدتها وحولت ابناءها الى حيوانات بشرية تخدم ماكنتها الحربية المُصممة للموت.
اليوم داعش تحتل رقعة كبيرة من الأرض، فككتها من أوطان معروفة (سوريا والعراق) وأنهت الوجود التاريخي لتلك الأوطان على تلك الرقعة، وتصرفت عصاباتها وكأن ليس للأرض إله أو قانون، او لم يسبق أن صار فيها مجتمع من الأصل.
في سوريا صارت الأمور كالتالي: لن تسمح (القوى العظمى) بانتصار شامل لقوات النظام السوري، وبالتالي ستبقى الرقعة المُختطفة من قبل داعش تحت حكم الإرهاب الى أجل لا أحد يعرف نهايته، الى أن يتفق الجميع عل شكل للنهاية.
وفي العراق، نقرأ نفس الشيء تقريباً، حيث لا ترغب (القوى العظمى) بأن تنتصر الحكومة القائمة وتبسط كامل إرادتها على التراب الوطني ما لم يجر أولاً ترتيب اوضاع العراق الاثنية والطائفية.
هذه (القوى العظمى) لا ترى،الى الآن، في العراق بلداً قابلاً للحياة بشكل موحد وطبيعي وكما تحدث عنه دستوره.
هم يرون ان في العراق ثلاثة مكونات رئيسة (الشيعة والسنة والكرد) وبالتالي فإن العنف إنما هو حاصل صراع محلي يحتاج الى حلول محلية، من قبيل الفيدرالية او اللا مركزية أو حتى إضعاف الجميع.
هذه الرؤية القاصرة انسحبت على فهم هؤلاء للإرهاب نفسه ولتنظيم «الدولة الإسلامية» الإرهابي نفسه.
إن اقتصار فهم ما يحدث في العراق على أنه صراع طائفي، إنما يغض النظر و يعرقل الفهم ويعيق العقل عن البعد الكوني لظاهرة الإرهاب.
وكأن الإرهاب هو مولود للصراع الطائفي فقط، بينما حقائق الأرض تقول إن وقود الإرهاب وتجنيده إنما يأتي من بلدان أحادية الطائفة بشكل مُطلق، كما إن جزءاً آخر من هذا الوقود البشري لا يأتي من بلد (تهيمن فيه طائفة محددة على حكومة) إنما يأتي بالأصل من مجتمعات عرضت إستضافة الهاربين لأسباب إنسانية من ظلم حكوماتهم (كما في ظاهرة الجهاديين الأوروبيين)، فمعظمهم ولد في أوروبا ولم يشاهدوا ظلم حكومات الشرق الأوسط التي دفعت بآبائهم الى الهجرة.
واضح أن أوروبا تحتاج الى الكثير من الفهم كي تتيقن من سوء إدراكها لطبيعة الهجمة الإرهابية على العراق، وإنها ليست صراعاً مذهبياً، وان نصرة الحكومة العراقية لا تعني المشاركة في الصراع المذهبي، فالإرهاب في الأصل لا مذهب له.
لكن كم سيتمكن أبناء وطننا من البقاء قيد الإعتقال تحت حكم داعش؟ او قيد التهجير؟ كم سيتمكن الوطن من الصمود ريثما تتغير القناعات والحقائق على الارض؟