المنبرالحر

شروع في القتل / قيس قاسم العجرش

حدث مرة في تايلاند أن اوقف شرطي سيارة تركبها عائلة كثيرة العدد بما لا يسمح به نظام المرور، وأثناء الصُراخ و"العركة"مع السائق تمكن طفل من العائلة له من العمر عام واحد فقط من ان "يسرق" مسدس الشرطي وقاربت الواقعة ان تنتهي بجريمة قتل.
اشتبه الشرطي بأن أم الطفل هي من حرّضته أن ينتزع السلاح اثناء المشاجرة عبر سماحها له أن يخرج من شباك السيارة فيما كانت تمسك بقدميه، لذلك أصرّ على توجيه تهمة (الشروع) بالقتل وفقاً للقانون التايلاندي الى الطفل الذي عُرض على القاضي فأطلق سراحه، لكنه قرر احتجاز أمّ المتهم ليومين لأنها لم تحترم المحكمة واكتفى بأن سحب رخصة القيادة من الأب.
إتخذت الصحافة العالمية من الموضوع حينها مصدراً للسخرية، كيف أن القاضي إشتبه في إمكانية ان يرتكب طفل عمره سنة واحدة جريمة قتل ذكية.
لكن القاضي، لم يخالف القانون..بل إنه طبق القانون بروحه ونصه تماماً، وإن كان المُتهم طفلاً رضيعاً.
الشروع بالقتل، موضوعة قانونية مهمة وواسعة ولها جوانب قد لا تخطر على بال. ولهذا كانت معظم القوانين الجنائية دقيقة في التعامل مع تعريفه، لأنه المدخل الاساسي لأي جريمة قتل وهناك خيط دقيق يفصل"القاتل"عن ذلك الذي شرع بالقتل دون أن يرتكبه.
القانون العراقي مثلاً إشترط أن يحول دون إتمام قصد القتل سببٌ خارج عن إرادة الجاني، فيكون شروعاً بالقتل،من مثال ذلك ان يشهر الجاني سلاحه الناري ومع سابق علمه بأنه مُذخر بالرصاص الحي ثم لا تنطلق منه إطلاقة لأي سبب فستكون هذه الحالة شروعاً بالقتل.
كما تشدد قانوننا في تعريف الشروع، إذ لم يكتف بأن يَدخل الجاني حالة الفعل كأن يرفع يده بالسكين استعداداً للطعن، إنما عـَدّ اي اجراء يؤدي الى الشروع بالفعل على انه شروع أيضاً. مثلاً أن يترك الجاني ضحيته قبل القتل ويذهب للبحث عن سلاح داخل مسرح الجريمة ثم يعود ومعه السلاح القاتل فهذا شروع بالقتل ايضاً حتى لو لم يتح له الإستعمال، لأن الركن المعنوي توفر كما توفر الركن المادي في الجريمة.
لذلك ذهب القانون العراقي الى عقوبة متشددة وهي السجن المؤبد لأنها قريبة جداً من ارتكاب الفعل نفسه.
الشروع بالقتل، جريمة متكاملة، لا يهُم إن حدث القتل أو لم يحدث ..المهم ان مرتكبها كان على استعداد تام للقتل.
هل فهمتم يا من ترفعون أخامص السلاح والبنادق بوجه المواطنين؟ أو بوجه موظفي الدولة المكلفين بالواجب؟..هل فهمتم يا حمايات المسؤولين؟ هل فهمتم يا "رجال" الدولة وانتم تتفرجون؟