المنبرالحر

الملابس ... للنازحين / د. سلام يوسف

ونِعْمَ ما قدمه أبناء الوطن لأبناءِ الوطن.. في المحنة القاسية التي مرّت وتمّر على ما يقارب المليونين من أبناء العراق في واحدة من أحلك الظروف التي عصفت به، وفي واحدة من أخس الأعمال البربرية التي نكسّت جبين الإنسانية.
العراقيون لم يبخلوا على العراقيين.
العراقيون أصحاب الغيرة والشهامة والوطنية التي تحاول الدوائر المعنية والتي لم تعد خافية على أحد ،من أن تشوهها وتحرفها.
العراقيون هبوا لنجدة من حملته أقدامه أو حمله غيره وهربوا من تسونامي دموي والذي أتى على كل شيء حي ،بما فيها الزرع والضرع، وحتى غير الحي حينما فجروا البيوت وأسقطوا أبراج الطاقة وهرّبوا الآثار ونسفوا المراقد ،تسونامي ،مهّدت لحصوله الإدارة الفاشلة التي قادت البلد الى ما هو أسوأ مما كان عليه.
لقد حملت الغيرة والإنسانية والمروءة ،العراقيين ،أن يقدّموا كل ما يمكن أن يقع بين أيديهم ،بما فيها أي ملابس لتغطية الأجساد العارية وأي شراشف وأغطية تقي أخوانهم من قساوة المناخ.
نعم ما قدمه العراقيون في داخل وخارج العراق، لإخوانهم ليس بالقليل ،ليثبتوا مرة أخرى أن ظلم الإنسان لأخيه الإنسان أنما خارج سياقات المُثل والقيم البشرية ،وما يظلم الإنسان الاّ المستغِلون والإرهابيون.
ولكن ..
ولكن الأمر الذي أريد أخبر هؤلاء الغيارى عنه، هو أن عدداً من الأمراض الجلدية ربما تنتقل عن طريق هذه الملابس أو الأغطية أو الشراشف.
ففي ضوابط الرقابة الصحية وصحة المجتمع تبرز أهمية اتخاذ الإجراءات ،وهي على مستوى دولي وليس العراق فحسب، فمنظمة الصحة العالمية وضعت ومنذ عقود ضوابط دقيقة في فحص وتدقيق الملابس وإخضاعها الى موازين التقييس والسيطرة النوعية، ناهيك عن فحص ملابس الـ (بالات)، بعد أن اكتشفت وبالدليل القاطع أن الملابس المستعملة هي أوساط جيدة لنقل عدوى(دون قصد طبعاً) بعض الأمراض الجلدية ومنها الجرب والقمل والفطريات.
ويتساءل الكثيرون عن غسل تلك الملابس وتعريضها الى درجات حرارة عالية وكيها، أما تنفع تلك الإجراءات؟
نقول وهل النازح الآن في مجال أن يغسل ويكوي؟
علماً أن بعض إجراءات التعقيم هذه في بعض الأحيان لا تنفع مع أمراض الفطريات والجرب.
وعليه ،فأن التبرع بملابس وشراشف وأغطية جديدة غير مستعملة أفضل بكثير، حيث تم تسجيل أعداد ليست قليلة من تلك الأمراض الجلدية بين محتشدات النازحين، علماً أن الموضوع فيه جانب نفسي، فالكثير ممن نزحوا كانت بيوتهم عامرة أو أنهم يخشون الأمراض أو أنهم يشعرون بعمق الغصّة!