المنبرالحر

واحدٌ من الناس / قاسم السنجري

كثيرة هي الطُرف أو ما يُعرف بـ"النكات" التي يتندر بها الناس، وبالرغم من مجهولية مؤلفي هذه النكات فأن الألسن تتناقلها ويضحك الكثيرون على مفارقتها مع علمهم أنها تقص حدثا افتراضيا قد لا يكون حقيقياً.
وكثيرا ما تمس النكات جانباً سياسياً كنوع من الترويح والتخفيف من الضغوطات التي تتسبب فيها السياسة العامة للدولة أو بعض الإجراءات التي يعتقد المواطن أنها إجراءات خاطئة، أو قد تكشف النكات جانبا مظلماً مسكوتاً عنه بسبب عدم وجود حيز الحرية الكافي لتشخيص هذه الاخطاء واقتراح الحلول لها، أو أن الحكومات لا تصغي لمطالب الشعوب وكما يحدث في العراق حينما تظهر الحكومة شيئاً وتعمل على خلاف ما تظهره من اقوال ووعود.
كنا نسمع الكثير من النكات التي لا نراها واقعية أو انها غير قابلة للتحقق على أرض الواقع، مثل النكتة التي تتحدث عن سرقة سيارة مدير مكافحة السيارات، أو مقتل مسؤول مكافحة الارهاب في عملية إرهابية، إلاّ أن ما يحدث في العراق من مفارقات جعلت كل نكتة ومفارقة قابلة للتحقق، فهل هناك نكتة أكثر إثارة للضحك مثل تواصل استخدام جهاز (الآيدي) من قبل نقاط التفتيش بالرغم من محاكمة المصنّع له في بريطانيا بتهمة الاحتيال وتصدير منتج يستخدم لأغراض غير الأغراض التي تم تصديره من أجلها، فضلا عن عدم قدرته على كشف المتفجرات، وايضاً تمت محاكمة أحد كبار الضباط المسؤولين عن استيراده.
وهل هناك نكتة اكثر إدهاشا واثارة للضحك من شعارات تغيير الوجوه التي رفعت قبيل الانتخابات البرلمانية التي انتجت الحكومة الحالية، غير أن ما حصل هو تبادل للمواقع والكراسي، ويبدو أن هذا التغيير في تغيير الشعارات حصل كي لا "يستغرب" الشعب وتحدث له مضاعفات نفسية، وهم بذلك يراعون الناس، وفعلا سكت الناس.
وهل هناك نكتة أكبر من الوعود الحكومية والنيابية بحل أزمة شركات التمويل الذاتي التابعة لوزارة الصناعة والمعادن، وتحويلها إلى التمويل المركزي غير أن قانون الموازنة اقر بقاء اقراض هذه الشركات من دون أن يتطرق إلى وضع حل نهائي لمشكلة العديد من الشركات التي لم يتسلم عمالها رواتبهم منذ أكثر من أربعة أشهر، فيما تماطل الحكومة وتسوف في الكثير من وعودها، وتظهر غير ما تعلن، وهذا ما افصح عنه قانون الموازنة الاتحادية الذي احتوى على عدة فقرات قد تطيح بما تبقى من القطاع العام في الدولة العراقية.
كل هذه النكات تحققت ونواصل الضحك المليء بالمرارة على وقعها، وكل ما مرّ من المفارقات قد يجعلك مبتسماً إن لم تكن تتمكن من الضحك، إلا أننا سنبكي ونحن نسمع أحد اعضاء مجلس النواب توجه بشتيمة كل الناس الذين هم اساس وجوده ووجود غيره في البرلمان؛ يقول السيد النائب "خل يلعنون ابو الناس"، هذه شتيمة تظهر لنا أن الناس ليس لهم وزن أمام طموح هذا السياسي الذي صعد بأصوات الناس وتضحياتهم للإدلاء باصواتهم، أنا واحد من الناس الذين شتمهم السيد النائب غير أني لا اطالبه بالاعتذار.