المنبرالحر

أقلمة العراق...قنبلة موقوتة / د.محمود القبطان

في دول العالم المتحضر هناك أقاليم تتم بسلاسة حيث الاستقرار الامني المستتب وتوزيع الصلاحيات بين المحافظات يكون من احدى اولويات الحكومات لتقليل المركزية القاتلة والروتين واعطاء حق البناء حسب الحاجة وغيرها من المبررات المعقولة ،الا في بلداننا العربية فكل شيئ يسير بشكل معاكس وبترتيب من دول الاقليم ودول بعيدة حتى ،اما سياسيونا فهم مرتهنون لهؤلاء من دول الضغط من التمسك بالسلطة ولا غير حيث لا دولة مؤسسات بنوا وانما جاؤوا من اجل السلطة لا غير حيث تفتحت عليهم صناديق" علي بابا وعلاء الدين "باشارة الى مصباحه السحري.
كثُر الحديث عن تكوين الاقاليم في العراق وبتأييد منقطع النظير من قبل القادة الكرد ولو علمنا إن الساسة الاكراد كونوا اقليمهم الخاص بهم ،شبه دولة ويهددون بهذا دوما، منذ 1991 بعد انتفاضة آذار وبمباركة من امريكا والغرب، وهذا حق لهم ولا ضير في ذلك من وجهة نظري، وما جاء لهم بعد 2003 من موارد وما استطاعوا بناءه في الاقليم بالرغم من كل الوقائع التي تقول هناك فساد في الاقليم الوراثي لا يقل عن ما هو موجود في باقي مناطق العراق، لكن كل هذا لا يعطي الحق لاحد بنقل التجارب وكأنها مشابهة ومطابقة لكل المناطق في العراق، ولكن الغباء الذي يتمتع به بعض الساسة والذين يريدون أن ينهشوا في الجسد العراقي مما لم يتسن لهم ذلك من قبل أو فشلوا في الوصول الى غاياتهم تلك فقد قرروا أن يبحروا في بحار امواجها وريحها تختلف عما هو موجود في إقليم كردستان لان امواج الجنوب والوسط اكثرها عاتية ومدمرة لان لا استقرار امني ولا وجود للكفوئين في السلطة ولا قانون يُلتزم به حيث كل المطالبين بالاقاليم "الجديدة" يفسر مواد الدستور حسب هواه ومزاجه ومزاج كتلته ناهيك عن القتال فيما بينهم لابل تخوين بعضهم للبعض الآخر.
لننظر الى ليبيا وما حل بها بعد ازالة نظام القذافي الديكتاتوري منذ عام 2011 فقد حل بها الخراب واشتد القتال بين القبائل كل يريد مساحة له من النظام الجديد وعلى ارضه والجميع ينهش في جسد الدولة.
ولنرجع الى العراق، ومنذ سنين والعشائر تتحارب ضد بعضها بسبب مراكز القوة والفوائد التي سوف يستولي عليها قادة تلك العشائر والضحايا هم من أبناء تلك العشائر وليس قادتها أو ابناء تلك القيادات حتى. الاكثر الحاحا حول مسالة الأقليم هم بعض ساسة البصرة ومن بينهم من كانوا على رأس السلطة المحلية دون أن يقدموا اية حلول لوضع البصرة المزري والقابل لان يكون أسوأ على ما هو عليه الآن وليس بسبب عدم وجود اموال أو ما شابه ذلك وانما لان الفساد قد نخر جسد الدولة من اقصاها الى اقصاها ،والبصرة جزء من هذا الجسد المنهوش، ولكن عندما يذهب البعض بعيدا عن المسؤولية او يُبعد عندها يكون الطلب حاضر على موائد الغذاء والجلسات الخاصة "لانقاذ" البصرة من الخراب.. لم يمر يوما دون قتال بين بعض العشائر في البصرة وفي اكثر الاحيان لاسباب تافهة، ولم تتخذ الحكومة عبر قواتها الامنية الاتحادية والمحلية اي خطوة جريئة لايقاف نزيف الدم المسال بدون اسباب حقيقية ليذهب الشباب حطبا لتلك النزعات العشائرية لاغير. وفي آخرها عندما اتفقت الاطراف في الهارثة على التوفيق بينها عبر لجنة مصالحة حكومية، بدل ان تسحب كل الاسلحة ومن الجميع في آن واحد، تم التوقيع على تلك الوثيقة ولم تمر ساعة حتى على ذلك الحدث "المضحك" حتى بدأت المعارك من جديد بمختلف الاسلحة...من أين جاءت هذه الاسلحة بانواعها هذا لا يدخل في صلب واجبات الحكومة ولا عقاب على ذلك. أنا اعتقد كل ما يحدث في البصرة من قتال عشائري هو لمسك الارض وتحسبا للمستقبل عند "اقرار" الإقليم" حتى ولو بوسائل غير ديمقراطية فسوف تقوم المعارك للاستيلاء على مناطق من اجل الاستحواذ على مناطق نفوذ جديدة واموال جديدة كل حسب قوته وليس بناء البصرة والتي فشلت كل حكوماتها منذ 2003 بأن تقدم نموذجا جيدا يحتذى به بل اصبحت هذه المدينة الجميلة عبارة عن قرية خربة بكل ما تعني الكلمة وبغداد ليست استثناء.
في المحصلة ، اذا اراد اهل البصرة انشاء الاقليم وعبر احدى الفضائيات الصياح نهارا وليلا والبكاء على الاقليم في الوقت الارهاب ينهش بجسد الدولة بشكل بربري فليعرفوا ان البصرة سوف تُقسّم كما قسمت مدن ليبيا الى مدن صغيرة اقرب الى القرى وكل عشيرة حاملة السلاح ولا بناء ولا هم يحزنون وانما سرقة اموال الشعب لا غير هو الهدف في النهاية .فهل هناك من العقلاء أن (ينزلوا من بغلتهم) ويروا :إذا "جوّة الجرّة خرج برًّ" وقتها لا يفيد الندم وقنبلة الاقليم اذا انفجرت فسوف لا ترحم احد.