المنبرالحر

من مقامة (الرشى والشفط) / عبد جعفر

أخبرني سالم المكسور عن البصير إبن زرقاء اليمامة حين قدم بغداد هو وصاحبه حامل أوراقه والمداد، ليكتب إنطباعاته عن البلاد، وسمع بقصة الفضائيين، والشفاطين، بكى وترحم على أيام الشطار والعيارين، وطاف يسأل العامة عن أمور هامة، فكانوا يضحكون وفي سريرتهم يبكون من رجل جاء يطلب الجواب في بلد يدخل خزائنه اللصوص من مليون باب وباب. فجلس متعبا في العراء مقابل المنطقة الخضراء،يفكر بالحلول، استعصى عليه الأمر وكاد عقله يزول، حاول أن يدخل المنطقة الحرام، ليسأل النواطير النيام، وقبل أن تجندله طلقة كاتم الصوت، أخبرني أنه سيفضح المتسلطين الجدد لأن بيتهم أوهن من بيت العكنبوت فأنشد قائلا:
كرسيهم ذهب، وعقلهم ذهب، وغائطهم ذهب،
سبحانهم، اللصوص المسورون ببراميل النفط وأحذية الحرس.
سبحانهم، لم يبيعوا ولن يباعوا، فهم ملح الأرض وأثمن ما في الكون، إذا قالوا صدقوا وإذا صدقوا فعلوا، يطهرون جيوبنا من رجس المال وأنفسنا الإمارة بالسوء في جمع الحلال.
سبحانهم، لهم الطاعة وعلينا السمع، لهم اللحمة ولنا العظم، لهم مال قارون ولنا (قز القرت).
سبحانهم، لهم ما في أيدينا وما في بيوتنا، مصانون بسورة الحرس، وسورة الميليشيات، وسورة الإحزاب وكاتم الصوت، لايمسهم سوء ولا يقترب منهم سعير الأسعار، ولا تسمع آذانهم دوي الإنفجار.
سبحانهم، وهم لا يتركون لنا قشة تفقأ عيوننا أو سقفا يفصلنا عن السماء أو عرضا نتفاخر به ، وليس أمامنا سوى أن نردد (حميد يا مصايب الله).
سبحانهم، في الصولات والجولات، الحافظون فروجهم بين نكاح ونكاح، ممن أعطوا ملكا وسيفا وقسموا أوصالنا بالعدل.
فأعطوا لداعش ما لداعش وصادروا الخمس
وقالوا وملائكة المستشارين تحيط بهم:
ما تبقى أيضا لنا، فلا شريك لنا بالملك
فطوبى لمن مضى في طريقنا
ومن رمى اليتيم بحجارة والأرملة بمثلها.
وطوبى لمن أكل وحده ولم يطعم غيره
ولا يهاب طريق النهب وأن كثر سالكوه!