المنبرالحر

الجيش، القضاء، الدين / مازن العاني

كثيرة هي الاقانيم في ميادين الاجتماع والادب والسياسة الاب والابن والروح القدس الاقانيم الثلاثة الجوهرية في الديانة المسيحية، ومثلها اقانيم افلوطين الثلاثة الواحد( الخير او المبدأ الأسمى للوجود)، والعقل ، والنفس الكلية، و للثورة الفرنسية أقانيمها ايضاالحرية والإخاء والمساواة، والاخرى وليست الاخيرة تلك التي ارتبطت بانتفاضات الربيع العربي خبز، حرية، عدالة اجتماعية.
لمجاراة هذا النسق من ربط القضايا الجوهرية ببعضها يمكن اعتبار الجيش او المؤسسة العسكرية والقضاء والدين اقانيم جوهرية اصيلة في الكثير من المجتمعات المعاصرة، كما هو الامر مع مجتمعنا العراقي. ورغم ان لكل واحد منها دوره الفاعل والعميق وفلسفته الخاصة به، فان هذه المؤسسات الثلاث تربطها قضية جوهرية, حساسيتها وتأثيراتها العميقة في حياة المجتمعات والدول وتداعياتها على وحدتها ومآل التطور فيها.
وبقدر ما هي طبيعية الدعوة الي استقلالية القضاء وعدم تسييسه، كتجسيد عملي لمبدأ فصل السلطات، باعتبار ذلك من مبادىء الديمقراطية ومقومات المجتمع الديمقراطي الحديث، كذلك الدعوة لابعاد القوات المسلحة عن التدخل بالشؤون السياسية وابقائها حيادية وبعيدة عن التجاذبات السياسية ونفوذ المصالح السياسية والخاصة، بقدر ما باتت هذه قضايا بديهية يتسابق الجميع في ترديدها دون وجل او تردد، بغض النظر عن درجة الايمان والقناعة بها. في المقابل ظلت الدعوة الى ابعاد الدين عن السياسة، لتحريره من سطوتها وحمايته من اهواء السياسيين ولمنعهم من توظيفه في الصراعات السياسية، ظلت تستقبل بتوجس ورفض حادين من جانب جهات واطراف سياسية ودينية، لا يصعب العثور على متاجرين بالدين بينها.
ان المطالبة بفصل الدين عن السياسة وشؤون الحكم اي»عدم تسييس الدين و تديين السياسة» تحفظ للدين هيبته وقدسيته، و هي لا تعني باي حال من الاحوال تجاهل الدين كأساس من أسس المجتمع، فالدين مطلوب، لأنه أحد اسس تكوين الضمير فى المجتمع. كما عبر عن ذلك المفكر الشهيد فرج فودة.
ان الحرص الوطني المسؤول يتطلب ابعاد الجيش والقضاء عن شؤون السياسة ودروبها ودهاليزها بحشرها خارج اختصاصاتها وصلاحياتها ,وبنفس المستوى، لا بل بمستوى وحساسية أكثر، يجب حماية الدين في مجتمع متعدد الطوائف والاديان مثل مجتمعنا، من تأثير دوائر صنع القرارات السياسية ومطابخها ، ومن التجاذبات السياسية. بهذا نحفظ لهذه المؤوسسات اهميتها القصوى في حياة المجتمع، وبغيره لن يتسيس القضاء والفلسفة العسكرية عندنا فقط، بل سيزحف التمذهب عليها، و ستتحول الثكنات العسكرية والدوائر المدنية الى مقرات للاحزاب السياسية او الى مساجد وجوامع وحسينيات لهذه الطائفة او تلك. وسيعاني المجتمع من انشطارات وتشظيات تهدد لحمته والسلم الاهلي فيه، لابل تهدد كيان الدولة وبقاءها.
اختم بما قاله أدونيس «لا يمكن أن تضع قانونا واحدا صالحا لجميع المواطنين داخل البلد الواحد إذا لم تفصل الدين عن السياسة».