المنبرالحر

فرسان الكلمة... وفرسان اللكمة / عبد جعفر

هنالك طرفة جميلة، تقول أن عراقيا ذهب الى قارئ كف، فقال له الأخير:
- سترى سبعة أعوام عجاف، وبعدها سبعة ضيم وقهر، وتليها سبعة من المرض و الألم.
فسأله الرجل:
- وبعد ذلك ماذا يحدث؟
فأجاب قارئ الكف:
- ستتعود على ذلك!!
وهكذا بدأ الصحفيون يتعودون، مثل مثلهم بقية العراقيين على كاتم الصوت والإعتقال والضرب وهضم الحقوق. وهي حالة يجري تكريسها من قبل المنتفذين كي يصبح الأمر عاديا، فالطبيعي أن لا يكون هناك إعتداء يتكرر كل يوم، وكأن الصحفيين لا يكفيهم ما يجري لهم، ولا نريد هنا أن نعدد أسماء العشرات الشهداء من الصحفيين ممن سقط برصاصات وسكاكين الأعداء والأصدقاء و ما بينهم من (الأعدقاء) على حد تعبير الشاعر وليد جمعة، ولا نعدد الذين جرى إغتصاب حرياتهن لسنوات في السجون أوممن شج رأسه بهرواة السلطات أو المليشيات أو الحمايات.
ومن أخبار هذا التعود، و(المرء من دهره ما تعودا) هو جواب مستشارية الأمن على إحترام حقوق الانسان وحرية التعبير، في تكرار ضرب الصحفيين على روؤسهم المفكرة، وأيديهم التي تكتب. فكسرت أذرع وساح الدم من فرسان الكلمة على أيدي فرسان اللكمة والهرواة، وقيل أن أجهزة المستشارية أرادت أن تسطر بيانا تعلن إنتصارها المبين، ولكن لم تجد ذراعا سالمة تكتب لها، فأكتفى عرابها بالأعتذار. ولا ندري أن كان إعتذاره للذين ضربوا أم للذين لم يضربوا بعد، لأنهم لم يكونوا مشمولين بالحفلة التي أقامها رجاله ربما لقلة العصي.
فأذا كانت عواصم العالم المتحضرة تتنافس على تطبيق قوانين (حقوق الحيوان) نرى حراس عاصمتنا يتنافسون أيضا ولكن في ضرب السلطة الرابعة وإنسانها المبدع، لتكميم الأفواه وجعل الناس تبلع ما يريدون بلا هضم.
إن اختبارات قوة النفوذ على الإنسان العراقي المتوج بالهموم و القهر هو إضافة سنوات عجاف أخرى، كما تقول الطرفة؟!
فماذا تبعث حادثة ضرب الصحفيين من طمأنية للعراقيين على أيدي أجهزة أمنهم في معركتهم ضد إرهاب داعش وميليشات الطوائف واللصوص والمفسدين والمتاجرين بقوتهم الشعب وكرامتهم وأمنهم؟
فهل يملك عرابي المستشارية حساسية الشاعر الذي صرخ حول إلأساءة لجمال زهرته؟
(من يعرف
بيت الريح
المتهمة بإسقاط الزهور؟
ليدلني إليه
حتى أذهب لتوبيخها).