المنبرالحر

نصف الأشياء / قيس قاسم العجرش

«لسنا نظاماً اشتراكيا حتى ينال الجميع وظيفة حكومية!».. هذه كلمات مسؤول رفيع تبادلت معه الحديث عن مشكلة موظفي دوائر التمويل الذاتي.
ممتاز.. إذن بدأت الحكومة (وهذا الذي أمامي جزء منها) تدرك أهمية أن تكون الوظائف حقيقية وفقط وفقاً للإحتياج. وهي تحسب (وفق هذا النموذج الذي أمامي) إن الاشتراكية فاشلة! وتحسب أن النظام الاشتراكي لن ينفع في مجاراة روح العصر والسوق المفتوحة والتنافس البناء.. ممتاز ايضاً الحديث بمليء الفم عن «مساوئ النظام الاشتراكي»!
لكني استوقفته بسرعة قبل أن تنتابه نوبة التنظير الاقتصادي: لا أحد يا أخي المسؤول يطالب بالاشتراكية، لكن قبل كلمة «اشتراكية»، لماذا أغفلت كلمة «نظام؟»
أكثر من نصف موظفي التمويل الذاتي اليوم تم تعيينهم بعد عام 2003.
ومعظم هذه الدوائر والمعامل والمصانع صُنفت على أنها يجب أن تمول نفسها بنفسها، لأن وجودها مرتبط بإنتاج سلعة معينة وهذه لها سوق وسعر و ربح. من هذه النقطة إنطلقت الحكومة في اعتماد تمويلها الذاتي.
لكن، تعالوا الى هذه الجزئية الغريبة.
من المسؤول عن أرباح أي شركة أو مصنع في العالم؟ من هو صاحب القرار في التخطيط والإستثمار والتوجيه؟ هل هو الموظف العامل و المهندس والفني الصغير؟ ام إنها الإدارة؟.
بالتأكيد إن المسؤول عن توجيه الدفة هو الإدارة ومن خلفها الوزارة ومن خلفها الحكومة بمجلس وزرائها.
بعبارة أخرى، إن كنتم تريدون من هذه الشركات ان تحقق أرباحاً تغطي رواتب موظفيها، فلماذا تهالكتم على المُحاصصة في كل مواقع المسؤولية فيها؟ وكنتم تدركون أنكم لا تقدمون شيئاً يذكر سوى الإستحواذ على المناصب!
ألم تكن الوزارات التي تتبعها دوائر التمويل الذاتي بالأساس جزءاً من المُحاصصة؟
ألم يدخل كل منصب لمدير عام فيها ضمن توازنات المُحاصصة والاقتسام بين الأحزاب النافذة؟ فلماذا تخلّت هذه الأحزاب عن مسؤولية إنجاحها بينما سبق أن تقاتلت من أجل المناصب إبتداءً؟
باختصار إن على من اختار الإدارات والوزراء للوزارات التي فيها من دوائر التمويل الذاتي أن يجيب عن التساؤل التالي: ما الذي فعلتموه في سنوات الرخاء وتكاثر الأموال من اجل النهوض بعمل هذه المصانع؟
صحيح أن النظام يجب ألا يكافئ الفاشلين أو المتقاعسين الذين لا يُنتجون، لكن هذا يجب أن يطبق أولاً على المسؤولين بمن فيهم الوزراء الذين استماتوا من أجل الحصول على وزارات لا يعرفون ولا يفقهون شيئاً من طرق تشغيلها وإنجاحها.
لأنهم فاشلون بالأصل، ونراهم يتّهمون الموظف البسيط بالفشل.
العمّال ليس من واجبهم التخطيط، هذا واجب المسؤول.. سواء كان النظام اشتراكيا أم رأسماليا أم فوضوياً من الدرجة الأولى!