المنبرالحر

اتعظوا..ا! / محمد عبد الرحمن

كالنار في الهشيم انتشر خبر التوجه الحكومي الى دفع رواتب الموظفين كل 40 يوما بدلا من صرفها شهريا. ولم ينف الناطق باسم مكتب رئيس الوزراء الخبر، انما عده امرا تتداوله الحكومة ضمن اجراءات يراد بها التخفيف من وطأة انخفاض اسعار النفط عالميا، وشد الأحزمة على البطون لسد العجز في موازنة 2015 المقدر بـ 25 ترليون دينار عراقي.
ومن الواضح ان رد الناس السريع على هذا التوجه الحكومي، كان وراء التريث البيِّن تلافيا لتداعيات القرار على ملايين عدة ممن يتسلمون رواتبهم من الدولة. لا سيما أن الحراك العمالي ما زال في ذروته، و هو الذي اضطر الحكومة الى الاستجابة لمطلبهم العادل وصرف رواتبهم من دون تحديد لأشهر معينة، الامر الذي يعد انتصارا لهذا النهج وتأكيداً عملياً لحقيقة أن الحقوق لا توهب وانما تنتزع.
ان التوجه الى صرف الراتب كل 40 يوماً، اضافة الى ما تضمنته موازنة 2015 من اجراءات لفرض ضرائب غير مباشرة على المواطنين، يعكس توجها نحو تحميل الكادحين والفقراء وذوي الدخل المحدود تبعات الادارة السيئة السابقة للبلاد، كما يعكس غياب السياسة الاقتصادية العلمية السليمة، وتبذير الفائض المالي للسنوات السابقة عبر البذخ وعدم محاربة الفساد، كذلك ضياع أموال الدولة وصرفها على مشاريع فاشلة أو متلكئة أو هي أنجزت وركنت على جانب.
ويبقى مهما الاشارة الى أن ما تواجهه البلاد من أزمة مالية وضيق وتقشف، يمكن أن يتكرر في أية فترة مقبلة، فهذا حدث في سنة 2009، ولم يتعظ المتنفذون ويراجعوا السياسات لجهة تنويع الانتاج الوطني، وتعدد المصدر المالي وعدم بقائه مقتصرا على واردات النفط الخام المصدر.
على ان الأوضاع الآن تغيرت كثيرا عن ما كانت عليه في 2009، والمطلوب هو فقط تدقيق السياسات و إعادة رسم التوجهات واعتماد نهج جديد في ادارة الدولة. ويخطئ للمرة الألف من يعتقد أن بإمكانه حل الأزمة المالية الراهنة بإلقاء تبعاتها على المكتوين اساسا بنيرانها، فيما المتنفذون يحافظون على مغانمهم وثرواتهم ورواتبهم العالية والمفرطة،ويقاتلون من اجل عدم شمول ذوي الدخول العالية والتجار والمقاولين والمليارديرية بالضريبة التصاعدية0 ان ما حققه الحراك العمالي درس كبير لسائر أبناء الشعب، و مع ذلك يبقى الحذر واجبا حتى يتم التنفيذ الفعلي.