المنبرالحر

المتنفذ والتلاعب بالحقائق !/ جاسم الحلفي

لغاية هذه اللحظة لم يتمكن مجلس النواب من تعديل قانون انتخابات مجلس النواب، كي يستجيب لقرار المحكمة الاتحادية، الذي سبق وان أقر بـتعديل تلك الفقرة من القانون التي تبيح الاستحواذ على الأصوات لصالح الكتل الكبيرة. وهو حكم مماثل سبق وان اصدرته المحكمة ايضا على قانون انتخابات مجالس المحافظات، إذ عدله مجلس النواب، وفق نظام «سانت ليغو» وتم إجراء الانتخابات في ضوء ذلك. هذا النظام الذي ضمن العدالة النسبية في احتساب الأصوات، ولم يفرط بأصوات الكتل الديمقراطية والمدنية لصالح الكتل الكبيرة، وأعطى لكل صاحب حق حقه، دون استحواذ وهيمنة وتهميش، فكان يمكن لمجلس النواب أن يختزل كل الجهود بتشريع تعديل مماثل. لكن حالت دون ذلك نزعة احتكار المواقع والتحكم والسيطرة لدى الكتل الكبيرة المتنفذة والتي لا يروق لها تنوع التمثيل، فاستكثرت مشاركة قوائم التيار الديمقراطي والقوائم المدنية الأخرى، فتجدها وقد انبرت للهجوم على نظام «سانت ليغو» وجعلت منه عدوا لدودا للاستقرار والقوة والعمل! وذلك عبر تصريحات وتقولات لا تصمد أمام ابسط محاججة. فمرة تحت ذريعة أن «سانت ليغو» أتى بكتل صغيرة تؤخر تشكيل الحكومات، متناسين ازمة «الجلسة المفتوحة» لمجلس النواب التي دامت حوالي ثمانية شهور نتيجة احتكارهم لمقاعد البرلمان عبر الاستحواذ على أصوات الغير، ومرة أخرى انه ينتج مجالس ضعيفة، وذلك لأنه يسمح بتمثيل القوائم الصغيرة والضعيفة. وهذا اغرب تصريح يصدر من سياسيين، يفترض ان تجربة السنوات الماضية قد أعطتهم، ولا زالت الدروس الغنية، من ان سيطرة الكتل الكبيرة على البرلمان طوال السنوات الماضية لم تنتج سوى أزمة عميقة جعلت أيام العراقيين مليئة بالدم على مدار السنوات الماضية. فانعكاسات الأزمة السياسية والتي هم السبب الرئيسي لتعقدها وتشابكها، أثرت على مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الى جانب الاوضاع الامنية المتدهورة.
وكان عليهم الاتعاض من ان فكرة الاستحواذ على السلطة، والصراع عليها باعتبارها تمنح لهم ولكتلهم النفوذ والامتيازات جرت على حساب معيشة العراقيين الذين مازالت ملايين عديدة منهم تعيش دون مستوى حد الفقر، ومئات الالاف منهم يعيش في عشوائيات لا تصلح لإسكان البشر.
لا اعرف الطريقة التي ينظر لها هذا المتنفذ لحساب الكتل الضعيفة، فمن هي الكتل الضعيفة يا ترى، هل هي التي استباحت الدولة للفساد الذي تفشى وتمترس في مفاصلها، وأصبح مؤسسة متحكمة بجميع مناحي الحياة، أم انه الوهن والضعف في مجابهة الارهاب الذي يفتك بحياة العراقيين على مدار ايام السنة، ام هو ضعف الخدمات، وتراجع الإعمار، وتلكؤ التنمية؟
بالتأكيد ان الضعف سببه التراجع في اداء السلطات، الذي انتج استنكاف اكثر من 60% من المواطنين عن الاشتراك في الانتخابات، الذي عبر عن تصويت سلبي واحتجاج على الكتل التي ادعت القوة، لكن حقيقتها الضعف والخواء أمام الإرهاب والفساد وضعف الخدمات.