المنبرالحر

التصدي لداعش.. متى نجعله معركة الوطن باسره ؟ / محمد عبد الرحمن

يواصل داعش ارتكاب المزيد من الجرائم ، ولن يكون آخرها ما فعله في آثار الموصل. وقد تمتد اعماله الدنيئة ويده الآثمة الى مناطق اخرى . فلا شيء داخلياً ، او متبنى فكرياً وعقائدياً يكبح اندفاعه الى اقتراف البشاعات . فهو في ما يفعله منسجم تماما مع نفسه ، ومع طروحاته ومغالطاته ، وما اكثرها . وليس مستغربا ايضا ان تقوم جماعات او افراد او اشخاص بتبني الدفاع عن ما يقوم به داعش وما يشيعه من ضلالات وظلامات ، كما فعل « المحتسبون « في احدى محاضرات البرنامج الثقافي لمعرض الرياض الدولي للكتاب ، في دفاعهم عن فعل داعش المشين بحق اثار الموصل وتراثها الثقافي .
ان هؤلاء « المحتسبين « وامثالهم هم في الاساس من شجع ويشجع القاعدة والنصرة وداعش على ان يواصلوا نشر « تفاهاتهم « والترويج لها. ومن هنا الاستنتاج السليم بان الانتصار العسكري على هؤلاء الدواعش وطردهم من اراضينا وتحريرها من رجسهم شيء ، وهزيمتهم الكاملة شيء آخر. لهذا تستمر الدعوة والمطالبة ب برنامج متكامل بجوانبه المتعددة لدحر داعش وهزيمته السياسية والفكرية. وفي هذا يحتاج بلدنا الى موقف اقليمي ودولي يقدم دعما حقيقيا ، صادقا . فوباء داعش ان لم تتضافر الجهود على مختلف الصعد للتصدي له ، فان جرائمه قد تمتد الى بلدان اخرى ، وليس هناك من مكان آمن مما يقوم به .
لكن الدعم والاسناد لا يعني في حال من الاحوال اختزال بلدنا الى ضيعة تابعة الى هذه الدولة او تلك ومصادرة حريته واستقلاله وارادة ابنائه ، واستفزاز مشاعرهم الوطنية. وكما تفعل بعض التصريحات « الوقحة « التي من المؤسف ان لا تلقى ردا مناسبا من المسؤولين العراقيين ، بل ويتماهى البعض معها دون ادراك لمضارها على مستقبل البلاد ووحدتها الوطنية . وحتى لا يكون كلامنا عاما نشير الى احد تلك التصريحات الذي اعتبر « بغداد» عاصمة لامبراطورية جديدة ،تتشكل في المخيلة المريضة لصاحب التصريح .
نعم نحتاج في معركتنا الحالية ، الى المشورة والاسناد اللوجستي ومساندة الطيران ، والى الاسلحة المتطورة، لاسباب باتت معروفة وجلية. وهذا بالاساس يعود الى امكاناتنا العسكرية ، وما يتوفر لداعش من قدرات، وله صلة وثيقة ببناء قواتنا المسلحة والثغرات الموجودة. وهو ما يتوجب الاسراع في سدها والنهوض بها ودعمها . وهذه القوات المسلحة بصنوفها المختلفة ، ورغم كل الصعوبات ، تحقق انتصارات مشهودة، وان كانت ببطء ، على العدو الشرس المدعوم داعش وهو ما يتجسد في التحرير المتواصل لاراضينا المحتلة .
وفي هذا السياق يبقى مهما ان تحول المعركة ضد داعش الى هاجس وطني عام ، الى معركة كل العراقيين. وهذا يعتمد كثيرا على الحكام الحاليين ومدى استفادتهم من عبر ودروس الحكومة السابقة ، وعلى قدرة الكتل السياسية في ان ترتقي بمواقفها وادائها الى مستوى التحديات الراهنة، والتخلي عما تعودت عليه من ممارسات اضرت كثيرا بالبلد ، وعلى وعي الناس وقدرتهم على الضغط في هذا الاتجاه.