المنبرالحر

مناقشات مهمة في تناول تاريخ الحزب الشيوعي العراقي / يوسف صالح موسى

صدر مؤخراً عن مطبعة إيلاف للطباعة الفنية الحديثة، الكتاب الرابع للكاتب الأستاذ جاسم الحلوائي، وهو من منشورات موقع الناس الالكتروني. والغلاف من تصميم الأستاذ يونس بولص متي مدير الموقع، ويقع الكتاب في 120 صفحة من القطع المتوسط.
يتضمن الكتاب مجموعة مقالات، يناقش فيها الكاتب آراء لكتاب تناولوا تاريخ العراق المعاصر و تاريخ الحزب الشيوعي العراقي، فيها الكثير من الأخطاء و قلة الأمانة التاريخية و خطل في منهجية الدراسة و البحث التاريخي.
الكتاب يحوي ثمان مناقشات ومقدمة للناشر. وقد جاء في المقدمة: "تكمن أهمية المطبوع الجديد في أن القمع الوحشي الذي تعرّض له الحزب الشيوعي العراقي إبان العقود الأخيرة للنظام الدكتاتوري في القرن الماضي، و حتى سقوط النظام المذكور في عام 2003، رافقه تشويه فظ لتاريخ الحزب الشيوعي العراقي. فقد تحوّلت بعض الشائعات المغرضة و الإساءات البالغة له الى "حقائق راسخة" حتى لدى كتاب و مفكرين و متخصصين في تاريخ العراق المعاصر، و بعضهم من يحمل شهادات عالية. و الأنكى من ذلك هو أن البعض منهم نصبوا أنفسهم كقضاة للتاريخ في الوقت الذي لا تتعارض منطلقاتهم الفلسفية و منهجيتهم مع كتابة التاريخ فحسب، بل مع أية كتابة أخرى، في حقل العلوم الاجتماعية والإنسانية".
أهدى المؤلف الكتاب "إلى كل الذين يهمهم تاريخ العراق المعاصر بشكل عام، و تاريخ الحزب الشيوعي العراقي المجيد بشكل خاص".
احتوى الكتاب المناقشات التالية:
1- قراءة نقدية في كتاب " الحزب الشيوعي العراقي في عهد البكر (1968- 1979".
2- تعليق على مقال كاتب لم يسمح بالتعليق!
3- حول تخلي الحزب الشيوعي عن خط آب 1964 و ذيوله.
4- هل رفع الحزب الشيوعي العراقي شعار اسقاط السلطة في نيسان 1965؟
5- حول طريق التطور "اللارأسمالي".
6- من أجل وضع الأمور في نصابها الصحيح.
7- نحن لم نصمت!
8- مسيرة نضالية شاقة تخللتها نجاحات و إخفاقات.
اعتمد الأستاذ جاسم الحلوائي مجموعة مهمة من المصادر ثبتت في هوامش الكتاب و على الصفحة الأخيرة منه اختار ثلاث فقرات مهمة جديرة بالانتباه وهي:
"اعتقد بأن منهجية الدكتور الدوري خاطئة و ان نتائجها خطيرة، لأن السعي لكسب احترام الجميع لمضمون الدراسات و البحوث، السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و التاريخية، تتعارض مع مقولات الابتعاد عن الميل و الهوى ولا تنجز عملاً علمياً حقيقياً. فالأحداث التاريخية تكتنفها صراعات تقف وراءها طبقات و فئات اجتماعية مختلفة المصالح، و بالتالي مختلفة في الاتجاهات السياسية و الفكرية، و كذلك مختلفة في السلوك و الأفعال، و هذه الاتجاهات فيها الصحيح و فيها الخطأ. و بدون الالتزام الصارم بما هو صحيح، و تأشير الخطأ و ادانته عندما يتطلب الأمر، لا يمكن انجاز عمل علمي و مفيد".
"... منهجية أخرى في البحث التاريخي، و هي منهجية تعتمد البحث عن الحقيقة و توثيقها و الدفاع عنها بصرف النظر عمن يحترمها او لا يحترمها. و بذلك يمكن استخلاص تجارب و خبر التاريخ بشكل سليم لتوظيفها للحاضر و المستقبل".
"إن الفكرة الوسطية التي يشير إليها الدكتور القيسي، هي منهجية منافية للبحث التاريخي العلمي الذي يتطلب التحيز للحقيقة و عدم الزوغان عنها، فالوسطية في البحث التاريخي لا ينتج عنها سوى تشويه الحقائق التاريخية، شئنا ذلك أم أبينا".
ان المناقشات التي تضمنها الكتاب، هي بمثابة متابعة جدية لسياسي عاصر أهم الاحدات التي عصفت في عراقنا، و خصوصا تلك التي تناولت تاريخ الحزب الشيوعي العراقي بشكل منافي للحقيقة و التاريخ، علماً ان الأستاذ الحلوائي كان عضواً في اللجنة المركزية للحزب منذ عام 1964حتى 1985 وعضو سكرتاريتها (1974- 1978). ومن هذا السفر النضالي الطويل، و من ذاكرة مناضل بحجم الحلوائي، جاءت ردوده و مناقشاته الهادئة لتلك الأفكار باعتماده منهجية علمية، تعتمد على مصادر مهمة جرت الإشارة إليها في الهوامش، بالإضافة إلى الذاكرة المتقدة التي يتميز بها الكاتب. الأستاذ الحلوائي يضع بين يدي القاريء المهتم بالتاريخ وثيقة مهمة، تجد موقعها الى جانب تلك الكتب التي تميزت بموضوعيتها و مصداقيتها في كتابة التاريخ.