المنبرالحر

حرامية بغداد / د. ناهدة محمد علي

يُحكى أنه في قديم الزمان كان هناك رجل يمتهن السرقة لم تستطع الشرطة الآمساك به ولا أن تتخذ عليه دليلاً واحداً، وقد ضج أغنياء بغداد من هذا ( الحرامي )، حتى أُكتشف بعدها بأنه كان أغنى أغنياء المدينة وأكثرهم حماسة للقبض على هذا الحرامي المدعو ( أبو حزام ) .
أعجبني وأزعجني ثم أضحكني وأبكاني خبران بثتهما آحدى القنوات الفضائية العراقية ، الأول كان إلغاء وزارة حقوق الإنسان من قِبل البرلمان ورئاسة الجمهورية والثاني إثبات من قِبل لجنة النزاهة في البرلمان على وجود مشاريع وهمية لم تُنفذ بقيمة 100 مليار دولار مع وجود الإيداعات المصرفية لها . الخبران يكادان يلتصقان ببعضهما كتوأمين مع أنهما منفصلين ، ويكاد الأول يشير إلى الثاني بأصابع الإتهام والعكس صحيح ، ويكاد أحدهما يقول للآخر ( أنت السبب ) وكلاهما مترابطان بسلسلة واحدة . ولِمَ تبق هنا وزارة لحقوق الإنسان في بلد إنعدمت فيه هذه الحقوق منذ زمن بعيد حيث أن الإحصائيات القليلة في خروقات الأوضاع الإنسانية قد تجاوزت أي بلد آخر ، فنحن نرى هذه الخروقات في البيت والمدرسة والشارع والجامعة والجامع وفي كل دوائر الدولة، وأشارت إلى هذا جميع تقارير الأمم المتحدة ومنظمة اليونيسيف والتي تحدثت عن ظواهر تأزمت في الفترة الأخيرة كظاهرة التسول وعمالة الأطفال والإستلاب الجسدي والجنسي للأطفال وتدني مستوى الفقر وخاصة لدى شريحة النساء الأرامل . ولو تواجدت حقاً الحقوق الإنسانية للفرد العراقي لَما حمل هذا الفرد روحه على كفه ولصُرفت المليارات المسروقة على توفير الغذاء والدواء والتعليم ولأصبح العراق جنة بموارده .
إن مشكلة رجال السياسة في العراق هو أنهم يحملون أقنعة عديدة ، فقناع يظهر به على الشاشة وقناع في كابينته الوزارية وقناع آخر مع أتباعه ومريديه، وأشك أنه قد يرتدي قناعاً قاتماً في غرفة نومه، ولست هنا في مجال مناقشة إزدواجية شخصية السياسي العراقي لكني أضع بعض الحقائق في بقعة الضوء ، أقول هذا وقد أذهلت العالم قدرات سياسيي العراق الفائقة في التمحور والتملص وتزوير الحقائق والأرقام .
في التقارير الأخيرة للأمم المتحدة عن اللاجئين العراقيين والسوريين بأن هناك ما لا يقل عن ( 12 مليون طفل متضرر في العراق وسوريا ) بسبب الأوضاع السياسية المتفجرة في هذين البلدين ، ولو وضع سياسيو العراق صور الأطفال المشردين إلى جانب صور أطفالهم المدللين لما إستطاعوا النوم أبداً .