المنبرالحر

مخاطر الراية الطائفية في مقاتلة داعش !! / د. مهندالبراك

فيما تسجّل القوات العراقية و الحشد الشعبي و قوات البيشمركة الباسلة انتصارات صعبة الاّ انها متتالية، الأمر الذي انعش المشاعر العراقية و قوىّ لديها الأمل بإمكانية انزال الهزيمة بداعش الإجرامية الدموية . . وسط قلق من تزايد الشحن و التأليب الطائفي الذي قد يهدد نجاح العمليات العسكرية ذاتها، بتقدير سياسيين و خبراء عسكريين.
ففي الوقت الذي كان من اسباب نشوء داعش، التوتر و الاحتقان و الصراع الدموي الطائفي، الذي تصاعد و هيمن على الساحة العراقية منذ اعتماد السفير بريمر المحاصصة الطائفية العرقية لحكم و ادارة البلاد . . لايبالي القادة السياسيون من الإعتماد على الميليشيات الشيعية و ابراز دورها على دور الوحدات العسكرية، و قوات العشائر السنيّة بأعتبار ابنائها هم اهالي تلك المناطق . .
و لايبالي الإعلام العراقي و بدرجة اكبر الإعلام الإيراني من ابراز الشخصيات العسكرية و الوحدات الإيرانية الشيعية و ادوارها، بإعتبارها هي المحررة و الفاتحة بشكل يثير انواع القلق من المشاركة تحت تلك الرايات و من آفاق تلك العمليات، لأن تجيير الإنتصارات لطرف محدد، يجعل منه في الظروف القائمة و كأنه هو صاحب الحق بالأرض و ما عليها.
الأمر الذي وصل الى تصريحات علي يونسي مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني، وزير الإستخبارات السابق الذي قال أن " بغداد عاصمة الإمبراطورية الإيرانية، ولا خيار بين البلدين إلا الاتحاد أو الحرب . . " و غيرها التي تتواصل من مسؤولين ايرانيين لتشمل المنطقة بنفس قومي ضيّق و بتعابير متنوعة تحمل ذات الجوهر و بمعاني اوسع، و التي ادّت الى ردود افعال غاضبة من اوساط عراقية و اقليمية متزايدة . الأمر الذي حدا بالمرجعية العليا لآية الله العظمى السيستاني ان تؤكد على لسان الناطق باسمها السيد احمد الصافي على . .
" إننا نعتزّ بوطننا وبهويتنا وباستقلالنا وسيادتنا. وإذا كنّا نرحب بأي مساعدة تُقدَّم إلينا اليوم من إخواننا وأصدقائنا لمحاربة الإرهاب، ونحن نشكرهم عليها، فإن ذلك لا يعني في أي حال من الأحوال أن نغضّ الطرف عن هويتنا واستقلالنا، كما ذهب إليه بعض المسؤولين في تصوراتهم" و اكّدت على أن العراق سيكون كما كان دائماً، منيعاً إزاء أية محاولة لتغيير هويته وتبديل تراثه وتزييف تاريخه . .
في وقت صار يطغي فيه الإنتقام الطائفي على انواع الإنتقامات التي تثيرها الحروب و المعارك القاسية، بلا مبالاة من ان ذلك يعني ان داعش و من وراءها نجحوا في تحقيق اهدافهم في تعميق هوّة الصراع الطائفي و محاولتهم ايصاله الى حالة اللاعودة، بإستمرار الوحشية و تزايدها بفكرة " ردّ الصاع بصاعين " . .
الأمر الذي يرى فيه خبراء و باحثون و يحذرون من ان الغرق في الصراع الطائفي اكثر في غرب و شمال العراق، في مجتمع سنيّ يعاني معاناة هائلة من احتلال داعش الإجرامية، معاناة وصفها رئيس الوزراء د. العبادي في لقائه مع البرلمان مؤخراً ـ و يتفق معه كثيرون ـ بكونها الأشدّ مرارة و الماً قياساً بمعاناة المكونات الأخرى من احتلال داعش . .
سيؤدي الى تفكك التحالف و الدعم الدولي، الذي تشارك بفاعلية فيه دول اسلامية من طوائف متنوعة، من جهة. و يؤدي الى تواصل داعش و توظيفها للوقت لإكمال و زيادة جاهزيتها و زيادة اعمالها الوحشية مجدداً سواء بإسمها، او بإسم منظمات تظهر على الساحة بمسميات جديدة في حاضنة سنيّة تصبح بما مرّ، اكثر اتّساعاً و التفافاً حولها لأسباب ليست خافية . . من جهة اخرى.
ان تزايد الجهد الحكومي لتحسين و زيادة كفاءة وحدات الجيش العراقي و قوات الحشد الشعبي الشيعية و البيشمركة الكردستانية الباسلة، و الإعتماد اكثر بشكل مدروس على عشائر المنطقة السنيّة هو الطريق الأسلم للمّ الشعب العراقي بمكوناته و تحقيق ارادة وطنية عراقية صلبة يبرز منها قادة جدد في أتون تلك المعارك القاسية، بدلاً من طبقة سياسية غلب عليها رجال تمشية اعمال و تحقيق مصالح ذاتية انانية، و التفرج و محاولة استعراض نجاحات آنية و كأنهم هم من حققها، دون النظر ابعد من انوفهم، مفتقدين للنظرة الستراتيجية القريبة و البعيدة للوطن . . كما بيّنت و تبيّن الوقائع التي تتناولها شخصيات برلمانية و حكومية و انواع وكالات الأنباء الداخلية و العالمية . .
في ظروف لا يصمد فيها الاّ الجهد العراقي الموحد باطيافه السياسية و القومية و الدينية و الطائفية . . ظروف الإنتقال الفعلي لتنفيذ خطة بيكر ـ هاملتون التي و ضعها الكونغرس الأميركي بتوصية مجلس الشيوخ عام 2006 القاضية بتحديد التواجد البريّ الأميركي في المنطقة لتقليص النفقات، و الإعتماد على دول المنطقة في حلّ مشاكلها !!
ظروف يزداد فيها التقارب الأميركي ـ الإيراني الذي اعطى الضوء الأخضر للدوائر الإيرانية في المنطقة، في اجواء السير نحو اتفاق الطرفين على البرنامج النووي الإيراني و فكّ الطوق الأميركي عن ايران بمقابل متنوع، وفق انواع المصادر الخبرية الدولية و الإقليمية المستقلة .