المنبرالحر

لو كان .. لما كان / جاسم الحلفي

لو كانت الحرب التي يخوضها العراقيون قامت على أساس وطني، واستبعد منها كل ما يثير الطائفية، ويخرجها من مكامنها، لما استطاعت السعودية ولا إيران ولا الأزهر التدخل في الشأن العراقي الداخلي.
لو كانت الهوية العراقية فوق كل الهويات الأخرى الفرعية، التي هي من عوامل اثراء المجتمع، والتي حولها المتنفذون إلى أداة فرقة وتمزيق لنسيج المجتمع، لكانت سيادة العراق سدا منيعا أمام أية أطماع إقليمية تريد النيل من مصالح العراق.
لو كانت إستراتيجية محاربة الإرهاب تستند الى رؤية شاملة، لا توفر جانباً معيناً في المعركة، من الاقتصاد الى الثقافة مرورا بالجوانب الاجتماعية وانتهاء بالجانب العسكري، لكان النصر المؤزر حليف العراق قبل سنوات، ولوفر على أبنائه هذه التضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب.
لو كان جرى بناء الجيش العراقي على وفق عقيدة وطنية، بعيداً عن الاستقطاب الطائفي واستحقاقاته، وتشكيله جيشا وطنيا قويا ومهنيا، يعزز ثقة المواطن بقدرته، لانتفت الحاجة الى الحشد الشعبي والمليشيات بجميع صنوفها.
لو كان العراق يعتمد على تنوع اقتصادياته، سيما الصناعة والزراعة، ولا يقصرموارده على تصدير النفط وحسب، لما شكا من أزمة اقتصادية او عجز مالي، ولتحرر من وصفات منظمة التجارة العالمية والبنك الدولي واشتراطاتهما المذلة.
لو كانت الحكومة العراقية استثمرت في التعليم واهتمت بمناهجه العلمية، لما انتشرت في صفوف المواطنين هذه النسبة العالية من الأمية، التي هي اخطر الأمراض التي تواجه المجتمعات.
لو ان الحكومة العراقية اهتمت ببناء قاعدة مادية للصحة، لما انتشرت الإمراض واتسعت أعداد المرضى، الذين لم تعد مستشفيات العراق قادرة على استيعابهم.
لو كانت الحكومة العراقية قد وفرت سكنا لكل مواطن، كما جاء في الدستور، لما شهدنا مواطنين يعيشون لغاية الآن في مدن الصفيح.
لو كانت الحكومة العراقية قد نفذت مشروع المصالحة الوطنية، وعلى أسس العدالة الانتقالية، لما بقى هذا الملف معلقا ومدار صراع لغاية هذه الساعة.
لو ان الانتخابات جرت على وفق عرض برامج بمحددات واضحة، ولا تكون مجرد شعارات للمزايدة ترفع أيام الانتخابات فقط، لكان العراق قد قطع شوطا مهما على طريق التقدم.
لو كانت مؤسسات الدولة قد بنيت على وفق معايير المواطنة والكفاءة والخبرة، وليس على وفق الانتماء الطائفي، لكانت الثقة قد ترسخت بها، ولقطع العراق شوطا كبيرا في بناء مؤسسات دولة عصرية تواكب التطور وتنتصر على التحديات.