المنبرالحر

من ينصف هؤلاء الشباب؟ / طه رشيد

سمعنا الكثير عن التاريخ العريق للفرقة الوطنية (القومية سابقا ) للفنون الشعبية وجهودها المتواصلة للحفاظ على عادات وتقاليد وتاريخ بلاد الرافدين، ليس عبر الكلمة والصورة، ولكن من خلال الحركة!
فمنذ السنة المزلزلة الفاصلة في تاريخ العراق الحديث، وهي سنة سقوط الطاغية، والفنان فؤاد ذنون مدير الفرقة المخضرم، وخلفه مساعدته راقصة الفرقة الأولى أيام زمان، وهذه الايام، الفنانة هناء عبد الله.. يطرق أبواب الحكومات والوزراء وأصحاب الشأن والمال من أجل مساعدته على إدامة الفرقة التي تحتاج إلى دماء جديدة ومن الشباب تحديدا..لأن الفرقة الوطنية للفنون الشعبية، وبكل بساطة، هي قسم من دائرة السينما والمسرح التي تعتمد على التمويل الذاتي، وبالغاء السلفة التشغيلية للدائرة هذا العام، والتي تؤمن مرتبات من يعملون باجور يومية، حرمت العاملين من الشباب اليافعين ذكورا واناثا في هذه الفرقة من تلك المرتبات. ومع هذا فهم بعكس عدد كبير من الموظفين في دوائر الدولة المختلفة، الذين لا تراهم إلا في يوم استلام الراتب الشهري! هؤلاء الشباب الذين لا يتجاوز عددهم 15 راقصاً وراقصة يعملون بشكل يومي دؤوب ومتواصل. فإن لم يكن لديهم عمل راقص أو تعبيري جديد مع مصمم اللوحات الفنية ومخرجها فؤاد ذنون، فإنهم يخضعون لتدريبات على الجسد بقيادة الفنانة هناء عبدالله. ومع هذا فهم صابرون عسى أن ينتبه من يمتلك السلطة والمال، ذات يوم، ويرأف لحال الفرقة قبل انهيارها!
في السنوات الخوالي كانت هذه الفرقة مثار اعجاب وتقدير عاليين من قبل كل العواصم العربية والأوربية التي قدمت فيها عروضها. وقد انقطعت سفرات الفرقة إلى الخارج منذ وقت ليس بالقصير، بسبب عدم وجود تغطية مالية كافية لتلك السفرات. ولا أعلم لحد كتابة هذه السطور هل ستساهم الفرقة في مهرجانات قسنطينة (الجزائر)عاصمة الثقافة العربية لعام 2015 والتي ستنطلق في شهر نيسان المقبل؟.
مدير الفرقة الفنان فؤاد ذنون لم يترك بابا إلا وطرقه. أبواب الخواص وأبواب الدولة. واذا لم ينتبه مقرر الموازنة العامة لأهمية الثقافة بشكل عام ودائرة السينما والمسرح بشكل خاص، وضمنا هذه الشريحة البسيطة العدد، فمن الأولى أن ينتبه المختصون في الشأن الثقافي لإيجاد حل ملائم وسريع. تصورو اننا لو حذفنا ميزانية أحد الأفلام الروائية الهابطة التي أنتجتها وزارة الثقافة بمناسبة سنة بغداد عاصمة الثقافة العربية 2013 وخصصناها للفرقة الوطنية للفنون الشعبية، لاستطعنا أن نؤمن مرتبات الأجور اليومية لأعضاء الفرقة لمدة عشر سنوات!! هذه الفرقة التي تساهم في كل مرة بلوحات فنية جميلة وخلابة تعيد لنا ليالي العراق الصافية من شماله الى جنوبه.
فحين يحتفل المسرحيون والسينمائيون والادباء والفنانون نرى أعضاء الفرقة كافة جاهزين لتكريمهم، ناشرين الفرح والمسرة والبهجة والمحبة والتآخي والرقص للوطن الملون الواحد. فمن يا ترى سيكرمهم؟!
ان تأمين مرتبات هؤلاء الذين اختاروا هذا الفن، وخاصة منهم الفتيات، في ظل الوضع الملتبس الذي نعيشه، لم يعد مسؤولية وزير الثقافة فقط، بل هو مسؤولية الجميع : البرلمان ولجنة الثقافة فيه، ورئاسة الوزراء ورئاسة الدولة ووزارة المالية ونقابة الفنانين واتحاد الأدباء ونقابة الصحفيين والمؤسسات الثقافية الخاصة وكل من يحلم بدولة ديمقراطية مدنية، لان عمل هؤلاء الشباب وهو بمثابة رصاصة نافذة، في نعش داعش والقوى التكفيرية الظلامية المتخلفة.