المنبرالحر

من هم الذين يستهدفون الأطباء؟ / د. سلام يوسف

الذين ارتدوا (الزيتوني) في عهد صدام المقبور، وامتداداتهم الحالية (كيفما تكون حلّتهم الأن)، هم الذين أساءوا ويسيؤون للأطباء وليس للأطباء فقط، وإنما أساءوا ويسيؤون لكل الشرائح والعناوين، كونهم متنصلين عن كل القيم الأخلاقية وعن كل الأعراف والمُثل والمبادئ والأصول.
أين الخلل؟
ربما يتحملون هم جزءاً من هذا السلوك المعيب، ولكن الجزء الأكبر منه تتحمله طبيعة النظام الذي يقود البلد والذي أطلق ويطلق العنان لهم ولأمثالهم ليعيثوا بواسطة وبإسم السلطة، فساداً، بل ربما هم أذرع (الجهة/الجهات) المتنفذة كجزء من بسط النفوذ العسفي على الشعب.
فشمولية النظام المقبور وإنفراده بالسلطة، وما نعانيه اليوم من السياسة المحاصصاتية الطائفية المقيتة والتي أنتجت المليشيات ومراكز القوى غير الحكومية وغير الخاضعة للدستور، كانت وما زالت السبب الرئيس في غياب(وتغييب) القانون وسلطته وقوته.
ونتيجة لغياب القانون والضوابط التي تضبط حركة المجتمع، برز الانفلات و(الاستهتار) بكل القيم، وأدى الى ضرب كل الأعراف عرض الحائط. فأصبحنا أقرب الى "شريعة الغاب"،أي الى الحكم والتحكم للأقوى وليس للعدالة والأخلاق والقيم والمبادئ الإنسانية والاجتماعية.
مَن الذي يستهدف الأطباء؟
هو نفسه الذي يستهدف الأديان والأقليات والقوميات والطوائف وكل الناس، هو نفسه الذي يفتل عضلاته! أمام المعلم والمدير والملاحظ والموظف، أمام الكبير والصغير،أمام العالم وعامل الخدمة، وأمام الزوجة والمستطرِقة.
مَن الذي يستهدف الكل؟
هو نفسه الذي لا يفرق بين الأسود والأبيض، وهو نفسه المَعين (القوي) لداعش وغير داعش (وربما بالمستقبل يظهرشيء آخر)، فهو يعرف أو لا يعرف، قد أصبح شبيهاً بالخلية السرطانية التي تمردت على الضوابط الطبيعة لنموها فأصبحت تلتهم نفسها وغيرها، وكذا الحال بالنسبة لهذا المسيء، فقد تمرد على كل الضوابط الوطنية والدينية والاجتماعية، وأنه الشاذ والمدان من بين كل ما هو غير وطني، وبعضهم يحاول أن يلصق التصرفات الشاذة هذه، بعشائرنا الكريمة حينما يتحدثون بالـ(فصل العشائري)، فبالله عليكم، أية عشيرة تقبل الإساءة للأخرين؟
مَن الذي يستهدف أطباءنا الذين يقدمون أجل الخدمات وأروعها في زمن الموت والجرح الإجباري، الاّ الذين يريدون استمرار نزف الجروح وموت العراقيين؟
المسيؤون للأطباء أنما وقبل كل شيء، هم مسيؤون للجهة التي يتحدثون بإسمها، وعلى الجهة المعنية أن تعيد النظر في ضوابطها قبل أن تُحسب على الطرف الثاني من المعادلة، فما من قوّة أعظم من قوة الشعب، والشعوب هي صانعة التاريخ وليست طائفة أو مليشيا.
كما على مجالس العشائر أن تعلن براءتها من هكذا سلوكيات شائنة وأن تصدر بياناً تتبرأ فيه من كل من يدعي انتمائه لهذه العشيرة أو تلك، فالزمن والحضارة يفرضان تطبيق القانون وفق الدستور وليس وفق الفصل العشائري.
المطلوب من كل الدوائر الرسمية الحكومية أن تحترم العلم الوطني الذي ترتفع سارياته فوق سطوحها وأن لا تهاب غيره قولاً وفعلاً، فكراً وقانوناً.
وأنتِ يا نقابة الأطباء، أين أنتِ من كل الذي يحصل؟! واذا كان هناك تحرك من قبل مجلس النقابة فلماذا التستر الإعلامي؟!
لا أحد يتفق مع تبريرات من يعتدون على الأطباء مهما كانت تلك التبريرات! كما أن تلك التجاوزات غير مسموح لها بأن تكون مبرراً لردود أفعال بعيدة عن أحكام القانون.