المنبرالحر

من هي «ماعش» ؟! / يوسف أبو الفوز

حالما دخلت بيت صديقي الصدوق ، ابو سكينة ، حتى تناوشني منتقدا لتأخري ، حيث كان الحديث حاميا. فهمت أن جليل تحارش بوالده وابي سكينة معترضا بانهما يكرران دائما عبارة «داعش وماعش» ، وقال لهما : أريد أفهم شنو ماعش واين تسكن ؟ وراح الجميع يروون لي وبالتفصيل كل ما جرى قبل وصولي .
كان الجميع منتشين بأخبار الانتصارات التي تحققها القوات الامنية العراقية الباسلة، والحشد الشعبي وقوات البيشمه ركه، ضد ارهابي وعصابات ما يسمى «الدولة الاسلامية». وكان جليل، يحدثهما عن أهمية ان تكون الجبهة الداخلية في البلاد متماسكة، فهي الاساس للقضاء على قوات «داعش» وطحنها، ولم يخف مخاوفه من ان الامور في ادارة البلاد أذا ظلت اسيرة نظام المحاصصة الطائفية والأثنية، التي يحاول البعض تزيينها بعبارات منمقة، وهي اساسا مخالفة للدستور وتقضي على روح المواطنة، فأن ذلك سيؤدي الى غياب الارادة السياسية الفعلية ، ويمنح العوامل الخارجية فرصة ليكون تأثيرها اكثر وبالتالي سيطول امد الصراع وتتغير صوره . وحصل انه خلال حديثهما عرض التلفزيون تقريرا عن ذكرى مأساة حلبجة، الجريمة التي ارتكبها النظام الديكتاتوري المقبور يوم اغتال مدينة حلبجة الوادعة ، بالاسلحة الكيماوية عام 1988 ، فقال ابو جليل: «استلم ، هذه بطولات وافعال ماعش وداعش «. وبدأت مشاكسات جليل لهما .
يعجبني في أبو سكينة، وابو جليل أن خبرتهما في الحياة، ووعيهما السياسي، تجعلهما يشخصان الامور بوعي كامل ومباشر، دون اللجوء الى الفذلكة والكلام المنمق، وثمة اتفاق سري بيني وبين جليل وسكينة وزوجتي، ولد وفرض نفسه خلال لقاءاتنا الدائمة، وهو ان نعمد بين الحين والاخر الى استفزازهما ومعارضتهما، لنسمع منهما اراءهما الصريحة، وتعليقاتهما الطريفة ، بعيدا عن لغة المتثاقفين، التي يسميها ابو سكينة « لغة الأننو والطالما». وحين استفزهم جليل، قال ابو سكينة متعجبا ومنتبها : بويه جليل ، الله يحفظك لنا ولاهلك، انت تريد تحجينا لو تتغافل؟ انت ما تعرف ان الذي احتل الموصل هو جماعة من الارهابيين، ومعهم اعداد من البعثيين وقيادات الجيش الصدامي القديم، هولاء اطالوا لحاهم، وعصبوا رؤوسهم، ومعهم بعض المتاجرين بالوطن من السياسيين الطائفيين اللي انضربت مصالحهم، واللي استغلوا اخطاء وممارسات الحكومة السابقة وتاجروا بها وخدعوا الناس. فهولاء كلهم من جماعة «ماعش «. فالذي أحرق حلبجة واهلها بالكيمياوي، هو سليل لهؤلاء المجرمين اللي لا عندهم ذمة ولا ضمير ، وهاي « ماعش» يمكن تلتقي بها اليوم في كل مكان يصعد بيه صوت طائفي يسحق كلمة الوطن ويخرق الدستور والقانون !