المنبرالحر

خارج الحدود ..داخل الحدث / جاسم الحلفي

اليمن السعيد و اليمن السعودي
هناك اكثر من دليل على فشل النظام الرسمي العربي التقليدي في ادارة الازمات والخروج منها. واخر تعبير عن هذا الفشل هو لجوء التحالف الخليجي الجديد الى خيار الحرب على اليمن تحت ذريعة محاربة الحوثيين، وكأن الحرب واللجوء الى العنف هو الحل الوحيد للخروج من الازمة. بينما الحرب تعمق الأزمة وتزيد من تداعياتها، وهي ليست الطريق الناجع لنيل الحقوق وضبط الأمن وتحقيق الاستقرار، سيما ونحن نعرف ان المدنيين هم الاكثر تضررا منها ومن نتائجها. ثم ان الحرب في اليمن هي ليست تقليدية، ولا تخاض على اساس مقابلة مقاتلين لبعضهم في جبهات?قتال، وانما هي حرب داخل المدن، وهذا ما يجعل المدنيين رمادا لنيرانها المستعرة. فلا حل إذن يجنب اليمن المزيد من القتل والدمار سوى جلوس الفرقاء حول طاولة الحوار.
قمة عربية واحدة ..ذات رسالة خالدة!
يبقى النظام الرسمي العربي يلجأ الى الحلول الفاشلة لمواجهة الاوضاع الجديدة. ويبدو ان الدرس التي اعطته الشعوب العربية وهي تخرج رافضة طريقة الحكم الاستبدادي في عام 2011 وما تلاه، هذا الدرس المهم لم يتم استيعابه، وملخصه ان الازمة التي تعاني منها هذه البلدان هي ازمة الهوية، ازمة المواطنة والتهميش، وموضوعة الكرامة الانسانية التي هدرت، والعدالة الاجتماعية المفقدودة، حيث اتساع الهوة بين اغنياء حتى التخمة وفقراء ومعوزين حد الفاقة.
هذا الوضع جعل الانظمة لا تستطيع ان تستمر بالطرق القديمة، فيما الشعب من جهة اخرى لا يقبل ان يقبع تحت حكم مأزوم، لا مجال له للمشاركة في صنعه وادارته. فالانظمة المأزومة التي لا زالت خارج التاريخ ولم تستوعب دروس الحاضر عاجزة ان ايجاد حلول مقنعة وواقعية لمشاكل بلدانها. وهي كذلك غير قادرة على انتاج حلول، لذا كانت قرارات قمتها التي عقدت قبل ايام في شرم الشيخ بعيدة كل البعد عن الاقتراب من الازمة ورسم معالجات لها.
يبقى الامل معقوداً على الشعوب العربية كي تستكمل دولها باتجاه بناء الدول المدنية الديمقراطية، دول المواطنة والعدالة الاجتماعية.
مظاهرة مدنية وأخرى رسمية
شهدت تونس خلال الايام الفائتة مظاهرتين، الاولى في يوم 24 آذار نظمها (المنتدى الاجتماعي العالمي)، ضد الإرهاب، واشترك فيها آلاف الناشطين المحليين، ومئات الناشطين الدوليين. ولم تفقد زخات المطر الكثيف المظاهرة حرارتها، بل رفعت سقف التحدي عند المتظاهرين. ويبدو ان نجاح هذه المظاهرة المدنية شجع الحكومة التونسية على تسيير مسيرة ضد الارهاب ايضا، دعت اليها عدداً من الزعماء والمسؤولين الاجانب، من رؤساء دول ووزراء، وانطلقت في صباح يوم 29 اذار، ونجحت في تحدي الارهاب واكدت على ان تونس مدينة معتدلة ليس للارهابيين فيها مكان.. اذ كان الشعار « ارهاب برا برا .. تونس حرة حرة».
لقد جعل الاعتداء الارهابي على المتحف في تونس، والذي راح ضحيته 22 انساناً، جعلها شعبا وحكومة تتحد ضد الارهاب بقوة.
والسؤال هنا هو الا يستدعينا هذا نحن العراقيين، بعد كل هذا الجرائم الارهابية التي لا يمكن حصرها وعدها، ان نخرج بمظاهرة نعبر فيها عن موقف وطني ضد الارهاب؟ ألن يكون يوم 10 حزيران المقبل، في الذكرى الاولى لاستباحة مدننا من قبل داعش، يوماً مناسباً لمظاهرة وطنية كبرى ضد الارهاب؟