المنبرالحر

كنت شيوعياً! / احمد عبد الحسين

لا تصدقوا العنوان فأنا لم أكنْ يوماً ما شيوعياً. (يمكنكم اعتباره كذبة نيسان أو نكاية بالسياب!)
الحقيقة اني كنت في طفولتي أهابهم وأود لو أكون مثلهم، كانوا حولي، أصدقاء أخي الأكبر، في مدينة الثورة، مهذبين، مثقفين، متسامحين، شغوفين بالحياة ومرهفي العاطفة (رهافة العاطفة سألحظها عند كل شيوعيّ العراق الذين التقيتهم في سنوات المهجر، ربما الأمر محض مصادفة لكني لم ألتق شيوعياً إلا وكان دامع العينين).
ذهبت، انا الطفل المبهور بهم وبكتبهم، معهم في سفرات أيام الربيع، في سفرة لصدور ديالى (هل كان عمري 7 سنوات؟) أسمعني كريم عناد قصيدة عن حزبه أتمنى أن لا أذكرها الآن وأن لا أسمعها مرة أخرى فقد نسيتها واريد أن أظل ناسياً إياها، لأني أدرك اني اذا استعدتها تعود مجرد كلمات، بينما هي الآن ـ بفضل ذاكرة الطفل الذي كنته ـ قوس قزح.
كرماء الأخلاق، سمحون، أذكر نقاشات كريم ذياب مع حيدر الياسري (الأخير من حزب الدعوة واستشهد في سجون صدام لاحقاً)، لن يقيّض لي فيما بعدُ أن ارى نقاشاً أهدأ ولا أرقى من ذلك.
لم أكن شيوعياً، لكني كنت أرى محنتهم، أرى بكاءهم خفية واختفاءهم واحداً إثر آخر، كنت معهم وهم يحرقون على السطح كتبهم الحمراء، معهم وهم يدفنون أكوام كتب أخرى في الحُفر، معهم وأنا أرى آثار التعذيب على أيديهم. لكني لم أكن شيوعياً.
الأحزاب التي كانت متاحة في طفولتي ثلاثة: البعث والدعوة والشيوعي.
لم أكن متحمساً للأحزاب الإسلامية (رغم اني مررت لاحقاً بفترة دينية عميقة) لأني رأيت انها تضع ستاراً بيني والحياة التي أردت أن أعيشها حين أكبر، ومنعني من دخول حزب السلطة احتقاري للغطرسة التي كان عليها البعثيون، وهل البعث إلا كرش وشوارب وبدلة سفاري؟، لكن ما منعني من أن أكون شيوعياً هو المهابة، تلك الصورة التي خلقها خيالي الطفل عن الشيوعي بسبب أولئك الذين رأيتهم من الشيوعيين، صورة رجل ناكر لذاته، محبّ، وقته وجهده ليسا من أملاكه، ويظل حتى وهو في قمة الفقر والبؤس يأبه لأمر الناس.
لم أصدق يوماً أني سأستطيع أن أكون على هذه الصورة، رايت أنها مهمة ملحمية مستحيلة، ولذا لم اكن شيوعياً.
في طفولة كلّ منا أنبياء وملائكة صالحون، هم أولئك الذين مروا علينا ووهبونا مثالاً على ان الإنسان خير كله، واننا يمكن أن نكون مثلهم. بعضكم كان أنبياء طفولته رجالَ دين، أو أبطال روايات. البعض الآخر آباءهم أو أخوتهم الكبار أو أصدقاءهم، آخرون لهم أنبياء من صنع خيالهم، أما أنا فأنبياء وملائكة طفولتي كانوا شيوعيين.
لكني .. لم أكن شيوعياً.
أحمد عبد الحسين
العراقيونفيبودابستأحيواالذكرى
بودابست-طريق الشعب
أقامت منظمة الحزب الشيوعي العراقي في هنغاريا حفلاً سياسياً وفنياً لمناسبة الذكرى الحادية والثلاثين لميلاد الحزب وسطوع نجمه في العراق وذلك مساء يوم الأحد المصادف 29 آذار الماضي على قاعة المجلس البلدي للحي الحادي عشر لمدينة بودابست. زينت القاعة بشعارات الحزب في هذه المناسبة حيث أحتلت مقدمتها صور مؤسس الحزب فهد والشهيد سلام عادل وهما محاطان بالعلمين العراقي والمجري ..
وبعد إستذكار شهداء الحركة الوطنية والحزب بدقيقة حداد وقوفاً، إستمع المحتفلون الى السلام الوطني العراقي (موطني) والسلام الجمهوري المجري، ومن ثم دعا عريف الحفل سكرتير المنظمة ﻹلقاء كلمة الشيوعيين وأصدقائهم، بالمناسبة، حيث جاء فيها نبذة عن تاريخ الحزب، وتضحياته منذ سطوع نجمه في سماء العراق من أجل سعادة الشعب وحرية الوطن، والتي قدم خلالها الآلاف من الشهداء الذين روت دماؤهم سهول وجبال العراق ,. كما تطرقت الكلمة الى الظروف الصعبة التي يمر بها العراق الآن، والجرائم التي يقترفها داعش بعد أحتلاله العديد من مدننا و?تله وتهجيره آلاف المواطنين من مختلف مكونات شعبنا العرقية والأثنية. ثم جاءت كلمات ممثلي اﻷحزاب الوطنية العراقية التي شاركت الشيوعيين فرحتهم،. ومن ما جاء في كلمة ممثل اﻹتحاد الوطني الكردستاني: خلال عقود عديدة إمتزجت دماء اﻷنصار الشيوعيين مع دماء أخوتهم البيشمركة فوق ذرى جبال كردستان وفي وديانها وسهولها، في مواجهة تعنت وإضطهاد اﻷنظمة اﻷستبدادية والدكتاتورية التي تعاقبت على حكم البلاد ... بينما أشادت كلمة عضو اللجنة المركزية لحزب العمال المجري بنضالات الحزب الشيوعي العراقي مبديا كل الدعم له في مواجهة الحملة ا?رهابية للقوى الظلامية، ومن ثم القيت كلمات اخرى منها: كلمة الجالية الكردية في المجر حيث أكد فيها ممثل الجالية الحاجة الى المزيد من التلاحم الوطني وتعميقه ﻷجتياز المرحلة الصعبة التي يمر بها العراق مشيداً بالنضال الذي يبديه شعبنا بوضعه نصب عينيه نشر العدالة اﻹجتماعية والمساواة في عراق خال من المحاصصة الطائفية واﻷثنية .. وتخطي الصعاب والقضاء على الوجه الثاني للإرهاب الفساد . كما أشار ممثل تنسيقية التيار الديمقراطي في المجر الى نبذ الطائفية ما العمل لبناء الدولة المدنية، دولة المؤسسات والمواطنة ضد الظلم، داعيا? الى الوحدة الوطنية والتلاحم خلف إنتصارات جيشنا الباسل وقوى شعبنا اﻷمنية على القوى اﻹرهابية والظلامية..
وفي الحفل الفني تألق الرفاق اليونانيون، بما شنفوا أسماع الحاضرين بموسيقى من التراث الشعبي اليوناني، عارضين على أنغامها رقصات شعبية، أ ختتمت برقصة زوربا التي هزّت مشاعر البعض فحركتهم من أماكن جلوسهم، ونزلوا الى المسرح راقصين، مجريين وعراقيين، عرباً وأكراداً يشاطرونهم الرقص وسط التصفيق والهلاهل . في منظر عبر عن روح اﻷنسجام والتعايش بين الشعوب.. .
إمتدّ اﻷحتفال حتى ساعة متأخرة من الليل واﻷمل يحدو الجميع بأن تتم اﻷحتفالات القادمة لشعبنا في أجواء يكون العراق فيها محرراً من رجس داعش وهو يسير على سكة التغيير الحقيقي، وبناء دولة العدالة والمساواة.
كلما اتسع الأحمر، اتسعت الرؤيا