المنبرالحر

الحماية الناقصة للمستهلك / ابراهيم المشهداني

يواجه المستهلك العراقي خطر الكثير من المواد المستوردة التي يعج بها السوق العراقي والتي تدخل في غذائه، نتيجة لانتهاء الصلاحية، او طبيعة العلب المهدرجة والتي تشير الابحاث انها تتفاعل مع المواد الغذائية المعدة للاستهلاك النهائي او نصف المصنعة والتي تدخل في عمليات الطبخ لإعدادها وجبة غذائية او المشروبات الغازية، وتعرض المستهلك الى حالات من التسمم، او المسرطنة التي قد تؤدي الى الوفاة وفوق ذلك فقد تم اكتشاف مساعي بعض التجار وبدافع الجشع بإجراء تغييرات في العلامات التجارية او تحريف تاريخ الصلاحية وقد نشرت في وسائل الاعلام العديد من هذه المحاولات ولم يعرف على وجه اليقين نتائج التحقيقات او دور القضاء في معاقبة هؤلاء التجار باعتبار اعمالهم تندرج ضمن الجرائم التي يصفها القانون الشروع في القتل.
ان هذه المساعي والآثار الجنائية المترتبة عليها قد تحولت مع الوقت والتماهل الى ظاهرة لا يمكن السكوت عنها، من قبل الاجهزة الحكومية المختصة، وهي الجهة المعنية بحماية المواطن المستهلك لذلك عملت على تشريع قانون حماية المستهلك رقم 1 لسنة 2010 ، وجاء في الاسباب الموجبة لتشريع هذا القانون (بغية حماية المستهلك وإقرار مبدآ العدل والمساواة بين المجهزين ومستهلكي السلع ومتلقي الخدمات وللحد من ممارسات الغش الصناعي والتلاعب بعملية التعبئة والتغليف الصناعية وما مدرج عليها من بيانات ومواصفات ،شرع هذا القانون) ومن الطبيعي ان بين تشريع القانون وتنفيذه مسافة طويلة تتعلق بمراقبة السوق من قبل الأجهزة الرقابية سواء في وزارة الصحة او الامن الاقتصادي ودور الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية في وزارة التخطيط والحزم في احالة المتلاعبين في قوت المواطن الى القضاء لاتخاذ الاجراءات العقابية بحقهم في ظل تنامي الفساد الاداري والمالي المتغلغل في كافة مفاصل الدولة والذي تحول مع الوقت الى نظام مؤسسي ضمن اطار الجريمة المنظمة .غير ان العقوبات المشار لها في المادة 10 من القانون فيها من الاحكام ما لا تخيف احدا ولا تحد من تصرفات التجار الشرهين اللاهثين وراء الربح غير المشروع.
وإذا اخذنا بعين الاعتبار ما ورد في المادة 11 من قانون حماية المستهلك المتعلق بخضوع السلع والخدمات التي يتعامل بها المجهز او المسوق او المعلن لمعايير الجودة، فان الجهة الوحيدة القادرة على تطبيق هذه المعايير هو الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية ، بحكم توفر الخبرات والأجهزة التي تستطيع تكنولوجيا اكتشاف التزوير في العلامات الجارية او صلاحية المادة المستوردة للاستهلاك البشري، الا ان هذا الجهاز يواجه جملة من التحديات تتمثل في كثرة المنافذ الحدودية التي تدخل عن طريقها البضائع المستوردة وخاصة القطاع الخاص، فعلى حين كان هناك 3 منافذ ازدادت الان الى 23 منفذا حدوديا بين بري وبحري فضلا عن تعاظم التبدل التجاري بين الدول المجاورة فان قيمة التبادل التجاري مع ايران مثلا بلغ 13 مليار دولار سنويا ومثلها مع تركيا والسعودية والإمارات والكويت مما يتعذر على الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية ان يغطي فحص هذه الكميات، هذا بالإضافة الى ان 75% من المواد المستوردة لا تحمل شهادات استيراد وخاصة القطاع الخاص .من هنا يتعين على الدولة اتخاذ سلسلة من الاجراءات لتنفيذ القانون وتحسين الاداء وكما يلي:
1. تعديل القانون بما يشدد من العقوبات المتخذة ضد المخالفين لقانون حماية المستهلك والمتسببن في تعريض المواطن الى اضرار فادحة بما فيها الوفاة .
2. اعادة النظر في العناصر المسئولة عن رقابة السوق وتغذية الاجهزة الرقابية بالعناصر النزيهة ومحاسبة العناصر الفاسدة والداعمة لها والمتسترة عليها .
3. تغطية المنافذ الحدودية البرية والبحرية بأجهزة التقييس والسيطرة النوعية وتجهيزها بأحدث ادوات الفحص تكنولوجيا للحد من تسرب الاطعمة والمعلبات غير الصالحة للاستهلاك البشري او الاتفاق مع شركات اجنبية لتقوم بمهمة التقييس والسيطرة النوعية .