المنبرالحر

النهب والسلب والرد السريع / حمزة عبد

الانتصار الذي حققته القوات المسلحة والحشد الشعبي بطرد الدواعش من صلاح الدين ذات الموقع الاستراتيجي بالنسبة للمعركة مع العدو هو محط اعتزاز وتقدير كل العراقيين بغض النظر عن انتماءاتهم، إلا ان ما قد قام به عدد من المجرمين والمندسين في صفوف الحشد الشعبي من نهب وسلب لأموال الناس وحرق بيوتهم من القاطنين أو المهجرين كان ثغرة كبيرة، بل عملا سيئا لا يتناسب مع التضحيات الجسيمة التي قدموها في المعركة حيث استشهد وجرح العشرات من أبناء القوات المسلحة والحشد الشعبي، واذا كان هناك من يفكر من أن هذا الأمر مشروع كما كان يحصل في الحروب في الزمن الغابر، حيث كان من اهداف المحاربين في تلك العهود الإستحواذ على الغنائم وتقسيمها فيما بينهم فبعد إنتهاء المعركة يقوم المنتصر بالسلب والنهب للذهب والفضة وأخذ الجواري والعبيد حيث يقال أن العرب حملوا أحجار مدينة المدائن بعد تدميرها على ظهور جمالهم ليعمروا بها مدنهم، وكتب الأستاذ علي الوردي أن العرب في عهد الأمويين لم يكونوا سوى بدو يحاربون من أجل الفخار والغنيمة.
لكن الأمر يختلف الآن حيث تفصلنا 1400 سنة عن هذه المفاهيم والمنطلقات التي كانت سائدة في زمن الحروب القديمة، فالحضارة والثقافة والتعايش السلمي بين الشعوب وتبادل الثقافات ولقاء الحضارات هي السائدة اليوم وتتجسد بمفاهيم انسانية وبمعاني الحب والتسامح والاعتراف بالآخر وغيرها من المفاهيم الانسانية.
إن ما حصل في تكريت من نهب وسلب بعد الانتصار على داعش لا يمكن تحمله أو قبوله وهو مهما كان غير مبرر إطلاقاً. إن هذه القضية بحاجة الى جواب وتتطلب الرد على تساؤلات واستغرابات الناس، صحيح ان الرد السريع الذي جاء من السيد رئيس الوزراء الذي دعا الى محاسبة المجرمين وحسنا فعل عندما سماهم المجرمين وموقف المرجعية الدينية في النجف التي طالبت بالحفاظ على أموال وممتلكات الناس في المناطق المحررة ، وهذان القراران بحاجة الى متابعة وتطبيق جدي وإذا ما حصل ذلك فإنه ربما سيقلل من الفتنة التي خلقها هذا الاجرام.
وبما أن العملية لم تنتهِ بعد وأمام قواتنا الأمنية والحشد الشعبي جولات جديدة من المعارك لتحرير مدن أخرى ومن أجل أن يدعم هذا التوجه لذلك يتوجب توفير الثقة لدى جماهير هذه المدن والمناطق ليتسنى لهم استقبال الابطال المحررين استقبالاً يليق بجهودهم وتضحياتهم.
ان الجماهير في المناطق التي تسيطر عليها داعش بالإمكان ان تلعب دوراً داعماً في عملية التحرير من خلال تقديم المعلومات الاستخبارية وللأسف الشديد وحسب تحليلات الخبراء العسكريين فإن هذا الفعل الاستخباري غير مفعّل بالشكل المطلوب، وعلى قواتنا الأمنية والعسكرية وقوات الحشد الشعبي وحتى البيشمركة في مناطقها الاستفادة من ذلك وخلق جو ثقة وضمانات من أن النهب والسلب الذي حصل في تكريت سوف لن يتكرر مرة أخرى.