المنبرالحر

افساد القاعدة فساد القاعدة! / طه رشيد

وليس المقصود بالقاعدة التنظيم الإرهابي المعروف الذي أساء للمسلمين والعرب أيما إساءة، وولد كراهية لنا ما بعدها كراهية، حتى تحول حوار الحضارات الحضاري إلى صراع حضارات جاهل وغبي، ونقلنا من قساوة الصراع أيام داحس إلى الصورة المظلمة لمجتمعاتنا العربية أيام داعش!
إذن ليست تلك القاعدة المقصودة بالعنوان، بل المقصود هو قاعدة المخروط المجتمعي في بلادنا، حيث الفساد الإداري والمالي يضرب بالبلاد من كل جهاتها، وقد سجلت تقارير منظمات دولية مرموقة ومحايدة اسم العراق في أعلى قائمة البلدان الفاسدة!
والمشكلة الكبرى التي تواجه الحركات والمنظمات التي تحاول أن تناضل ضد الفساد وتساهم بإصلاح البلد هو مساهمة المواطن في اسفل القاعدة بذلك الفساد. فإما أن يكون راشيا أو مرتشيا، إلا في حالات نادرة. حتى تحولت الرشوة كما أرادها وثقف بها النظام السابق باعتبارها هدية أو مكرمة!
الرؤوس الكبيرة من السراق والمفسدين تستطيع أن تتابعهم وتحيلهم للجان تحقيقية آجلا أو عاجلا، لكن لا يمكن أن تضع خلف كل مواطن شرطياً للنزاهة اذا لم يرفض المواطن نفسه كل أشكال الفساد، من كارتات التلفونات إلى وصولات البيع والشراء الفارغة. نحتاج الى شرطي نزيه بداخل كل واحد منا .صاحب المحل لا يمانع ان يمنحك وصلا فارغا حين تشتري منه اية بضاعة تود استرجاع ثمنها من مؤسستك أو شركتك! وهنا الطرفان يساهمان في الفساد: البائع والمشتري. الفلاح يقاتل من أجل الحصول على مواد كيمياوية لارضه أو علف لحيواناته بسعر مخفض، ولكن للأسف بعض الفلاحين ينتظرهم مقاولون سبق وأن اشتروا منهم تلك المواد لكي يبيعوها مجددا بالأسواق بأسعار مرتفعة. وكلاهما فاسدا، البائع والمشتري. محلات ومخازن تعج بمواد غذائية فاسدة، وقد مر وقت صلاحيتها..
الاخطر من ذلك هو وجود أدوية في بعض الصيدليات قد فات تاريخ استخدامها! أي فساد هذا؟
نموذج آخر للفساد لم أسمع به إلا في بلادنا وقد ذكر هذا النموذج أحد الأصدقاء على صفحته الفيسبوكية وهو انك حين تقدم ملفا للتعيين في إحدى الدوائر، يأتي موظف تافه ويستنسخ اوراقك الشخصية ليشتري بها « سيم كارت» ثم يبيعه لمن يدفع أكثر. والمشتري الجديد يستطيع أن يفجر أو يهدد ويبتز أياً كان باسمك . وحين يقع صاحب التلفون في الفخ، يروح جلد للدباغ ، انت صاحب المعاملة الذي ينتظر التعيين! هل يوجد أكثر انحطاط من هذا!
أما دوائر مثل تسجيل العقارات والضرائب والتقاعد وغيرها فحدث ولا حرج. لا نحتاج لمواعظ أو خطب رنانة..
نحتاج الى حملة وطنية متواصلة من اجل النزاهة.. نحتاج الى دروس تربوية .. نحتاج الى أن تدخل النزاهة في الكتب المدرسية، بشرط مسبق وهو مراقبة من يبتز الطلبة باسم الدروس الخصوصية ، وهذا فساد آخر!
نحتاج الى شرطة نشتكي لديها دون خوف من أن نباع للمشتكى عليه! نحتاج لخطاب ديني جديد يساهم فيه المراجع الكبار من اجل النضال المتواصل ضد الفساد.. واصدار فتاوى بتحريم كل اشكال الفساد هذه.
نحتاج الى حشد شعبي جديد يناضل من اجل النزاهة وضد الفساد دون سلاح!
نحتاج الى تفعيل دور المواطن في مراقبة نفسه والآخرين!