المنبرالحر

قانون الاحزاب مرة اخرى / جاسم الحلفي

أرجأ مجلس النواب، مناقشة مشروع قانون الاحزاب السياسية.والى ما بعد اكتمال اعمال ورش النقاش التي وجه بعقدها رئيس المجلس سليم الجبوري والتي يفترض أن تسهم فيها الأحزاب والكتل السياسية سواء كانت ممثلة او غير ممثلة في مجلس النواب، وان يتم ذلك ذلك عبر ندوات تعقدها مكاتب مجلس النواب في المحافظات، وتعد هذه الخطوة بادرة حسنة لجهة إشراك المهتمين والمختصين في تشريع القوانين، وهذه المرة الأولى التي يعتمد فيها هذه الإلية التي نتطلع الى انجازها بنجاح، عبر توفير الشروط والإمكانيات التي تفسح في المجال لأوسع مشاركة، ونتمنى ?ن تكون الندوات جدية، يتم التحضير لها بشكل جيد، وان يصار الى تلخيص النقاشات والأفكار والآراء وجردها واعدادها في تقارير مهنية ووضعها امام الجهة المختصة في المجلس. والاهم من كل ذلك هو عدم إهمال ما يتم تقديمه من افكار واراء في تلك الندوات وما يتمخض عن الحوارات الجادة المتوقع استمراريتها المرتقبة، وان يتم التعامل معها بمنتهى المسؤولية، لا كما اهملت نتائج المناقشات التي جرت سابقا في الدورة السابقة لمجلس النواب.
ليس جديدا ان نؤكد حقيقية واضحة بان لا ديمقراطية بدون احزاب سياسية، فوجود الاحزاب هو مستلزم أساسي من مستلزمات الديمقراطية، فلو تابعنا جميع الأنظمة الديمقراطية او تلك التي تتجه نحو التحول الديمقراطي، وبمختلف أشكالها، ففبها تكون الأحزاب السياسية هي المنظم للحياة السياسية. فغياب قانون الاحزاب في العراق، رغم مرور كل هذه السنوات التي اعقبت التغيير هو احد اسباب التلكؤ في العملية السياسية. ويبدو ان مصلحة القوى المتنفذة حالت دون اقرار قانون ينظم الحياة السياسية ويسهم في اعادة بناء العملية السياسية والنأي بها عن الطائفية السياسية نحو المواطنة، ومن هنا نشهد التسويف والمماطة في اقرار قانون الاحزاب، وكذلك اهمال اغلب الملاحظات التي قدمت على المسودة السابقة في وقت هدفت فيه تلك الملاحظات الى تعميق المضامين الديمقراطية في مشروع القانون.
وبمراجعة سريعة لمسودة القانون المطروحة حاليا نكتشف ان فيها ثغرات ونواقص جدية، و مواطن خلل واضحة. لذا ينبغي التأكيد على عدد من القضايا التي من شأنها اضفاء الطابع الديمقراطي على المشروع ومن بينها؛ يجب ان تأتي فلسفة القانون مستندة الى نص الدستور وروحه، وبما ينسجم مع حزمة قوانين ديمقراطية أخرى مطلوبة منها: قانون الانتخابات، قانون منظمات المجتمع المدني، وقانون النقابات والاتحادات المهنية، وقانون الإعلام الحر، وقانون الشفافية وإتاحة المعلومة للجميع. كما يتوجب على القانون المذكور ان يشكل قطيعة كاملة مع عهد الدكتاتورية، وان يبتعد عن ذهنية الاستبداد والتهميش والإقصاء.
ان من غير الصحيح ربط الاحزاب السياسية بوزارة العدل عبر دائرة مختصة بالاحزاب وهذا يعني ان الاحزاب تخضع لسلطة الحكومة كون وزارة العدل ودوائرها هي ضمن السلطة التنفيذية اذ لا يمكن ان تكون السلطة التنفيذية هي الجهة التي ترخص للأحزاب، كما ورد في مشروع القانون، انما يجب ان تناط هذه المهمة بجهة مستقلة محايدة. بهدف إبعاد هيمنة السلطة التنفيذية وأجهزتها عن الاحزاب. كذلك تسهيل الإجراءات واختصارها بإخطار الجهة المسؤولة عن منح الإجازة، والتي ينبغي ان تقوم بإشهار ذلك ونشره في وسائل الإعلام، بعد تدقيق الشروط المطلوبة كما يتعين ان يوفر القانون فسحة مناسبة للشباب وذلك بخفض سقف عمر المؤسسين من 25 عام الى كل من بلغ 18 عاما، وهو السن الذي اقره الدستور لممارسة الحق الانتخابي. وفي نفس الوقت يتطلب ضمان إشراك المرأة في هيكلية الأحزاب وتعزيز مساهمتها في الحياة الحزبية، وان تبنى الأحزاب على أساس المواطنة والمساواة، وليس على أساس اثني او ديني او طائفي، وان تقر آليات العمل الديمقراطية في أنظمتها الداخلية وعليها ان تعكس ذلك في أنشطتها وعلاقاتها، وتؤكد حق جميع الأعضاء في الترشح لتبؤ المسؤوليات في الحزب، وتوفر أجواء المساهمة الديمقر?طية في صنع القرار وتنفيذه.
وعلى القانون ان يكون واضحا بشان التمويل والمال السياسي والمليشيات واستغلال مؤسسات الدولة ورموزها ومواردها وعلاقاتها الخارجية. وبطيعة الحال يجب ان يضمن استقلالية الأحزاب وخصوصياتها وعدم التدخل في حياتها الداخلية الا حينما تتقاطع مع الديمقراطية والياتها وتتناقض معها، لا كما ورد في مشروع القانون حيث التدخل كبير في أمور تفصيلية هي حق لأعضاء الحزب وحدهم، كما تعد من الصحيح تقديم الدعم المالي من ميزانية الدولة، وحسب قواعد العدالة والإنصاف. لا كما قسمها المشروع بواقع 30 بالمائة لجميع الاحزاب بالتساوي و(70) بالمئة المتبقية على اساس المقاعد البرلمانية، وكلنا نعرف الكيفية التي حصلت من خلالها الاحزاب المتنفذة على مقاعدها في البرلمان!