المنبرالحر

هل يُعتد بإعلامنا / د علي الخالدي

ممارسات اﻷغلبية العظمى من اﻷعلاميين العراقيين ،تؤكد للإعلام الغربي ان إعلامنا العراقي مرتبط إرتباطا عضويا ،بمن يتحكم بحركة وفكر القائمين على النظام ، لتحركه ضمن مفاهيمهم ولا يحيد عن ما يريدون عرضه للناس في الداخل والخارج ، معطين للمراقبين إنطباعا، كما لو إنه ولد من أجل تسويق وتبرير حركاتهم وأفعالهم بما فيه فشلهم في إدارة الدولة ،ولهذا يغدقون عليه ما تطال ايدهم من المال العام ، والسحت الحرام ، كي يتصدى للإعلام الحر المستقل، واهمين ان ذلك يزيل الخوف الذي يلازم مموليهم حتى في منامهم ، هؤلاء الذين لم يكتفوا بالقوانين التي شلت هيأة إعلامهم ، التي شُكلت بعد السقوط، من أطراف منحازة الى طيف معين من أطياف الشعب العراقي ، بل إستبعدوا من تشكيلتها المثقفين والمعنين باﻹعلام الحر رواد اﻷعلام العراقي ،الذين عانوا الحرمان والتعسف من قبل العهود السابقة ، ولا حتى لم يؤخذ بآرائهم ومقترحاتهم، أواﻹستفادة من تجربتهم الرائدة التي تراكمت خلال عملهم السري والعلني ، في صياغة وأعداد قانونها وخططها ، التي يفترض منها التماهى ومرحلة ما بعد إسقاط النظام ، ومع ما يريده العراقيون في الداخل والخارج
ففي العهود الرجعية والدكتاتورية شكل اﻷعلام العراقي بإلتعاون مع الجاليات في الخارج ، مرآة عكست بمصداقية ما تعرض له شعبنا على أيديها ، فإكتسب ثقة اﻷعلام الغربي في العديد من الدول وكانت أحد مصادر الحصول على المعلومة الصادقة ، لما يدور في الوطن ، علاوة على نشاطها الذي وجه للتصدي لنفاق السفارات الصدامية وفضح زور إعلامها.
لحد اليوم ،لم نر المعنيين بإعلامنا قد وضعوا في أذهانهم أهمية اﻷستفادة من تواجد الجاليات ،وحرية حركة نشاطها بين ابناء البلد ، فركزوا إهتمامهم على السفارات التي ابتليت بابناء المسؤولين ، وبملاكات لا تملك المهنية والخبرة العملية ،التي تسهل النهوض بمسؤوليات التحول والمعارك البطولية التي يخوضها جيشنا الباسل وقوى شعبنا اﻷمنية ،عوضا عن شعوب العالم المهددة بتمدد داعش . فانعزلت وتقوقعت في مكاتبها الفخمة ، وبالتنقل بين فنادق خمس نجوم ،ملتزمة بالرسميات ،ومبتعدة عن الجاليات العراقية ، وإعلام محيطها ، مواصلة غياب تواجد وسائل إعلام حضاري يُعَرف العالم بما يمر به شعبنا
فاﻷعلام الغربي ،يري أن إعلامنا متعدد المراكز ،ويعتمد المعايير الطائفية ،وهو لا يخضع لرقابة مجتمعية ، وإنما لرقابة سكنة المنطقة الخضراء ، وخصوصا الرسمي منه ، أما إعلام اﻷحزاب القائمة على نهج التوازنات السياسية ، فتراقبه المذاهب والطوائف ، وللإثنين مراكز متعددة ،تمتاز بقدرتها المادية وقوتها المالية، وهو متواجد في كل مكان . تُركز نشاطاته على إثارة عواطف الناس البسطاء ، وبصورة خاصة عبر وسائل إعلامها المرئية ، وتزداد سطوته في أجواء غياب الضغط والتنوير الداخلي لمنظمات المجتمع المدني ، فهو يخشاها ، لذا يعمل على كل ما من شأنه الحد من نشاطاتها .
يعيب اﻷعلاميون الغربيون على أعلامنا هو سكوته ، عندما يتحدث اليهم البعض من المسؤولين الذين أضحوا أعضاء نادي الملياردرية العالمي ،عن الخلق واﻷدب واﻹلتزام الوطني . ولا يملك اﻹعلامي الشجاعة ، ليسأله من أين لك هذا، وأنت كنت معتاشا على المعونه اﻷجتماعية في دول اللجوء ، كما أنهم يصرحوا بالشرف والنزاهة عبر وسائل اﻹعلام ، ولأ احد يسألهم ، كيف حصل الفساد والتزوير والمحسوبية (من يستطيع مساءلتهم وهم مستقوون بالميليشيات ) بموافقة واسعة ومباركة بشكل غير منظور و مرئي ، من قبل الدوائر المسؤولة . لكن مع هذا ، هناك تطور ملموس للإعلام الذي يتغذى على إنتاجه الذاتي ، فإستطاع أن يتجاوز الرقابة الطائفية واﻷثنية ،خائضا منافسة نسبية بين مختلف اﻷراء المعتمدة والمنطلقة من أفكار طائفية وإثنية متناقضة تاريخيا . فقد حرر نفسه منذ نشوئه كإعلام شعبي وجمعي بعيد عن إثارة العواطف الجياشة ، لما يتمتع به من ثقافة نوعية وخبرة عملية يوجهها لتعزيز البنية اﻷنسجامية في المجتمع.