المنبرالحر

تعقيدات واقعية / قيس قاسم العجرش

إبتداءً، من الحكمة أن يعرف الناس الوقائع كما هي، بلا تهويل وبلا تقليل. وأي تلاعب بالحقيقة سيؤدي الى سوء فهم. ودائماً كان من الحكمة إطلاع الناس على المواقف مهما كانت خطورتها.
والحقيقة هي أن بلدنا، بما فيه من صراع ومتصارعين يُستخدم على نطاق واسع للتأثير في صِراعاتٍ دولية أكبر. والحقيقة ايضاً أن بعض الحمقى جعلوا القوى الدولية ترغب وتتلمظ بطعم هذا الصراع على الأطباق الجاهزة التي يقدمونها كسياسيين ووكلاء حصريين للإنقسام.
هل من المبالغة والمخالفة للحقيقة أن نقول عن الصراع الإيراني الأميركي إنه صراع تتغير سخونته باستمرار وإن المكان المفضّل لهذين المتصارعين الدوليين هو العراق؟.
هل من باب الخروج عن آداب الكلام أن نتعرض للمشاكل التي يواجهها الحشد الشعبي من قبل مجاميع محددة من السياسيين؟. أوليس هناك مشكلة أساسية لدى الأميركيين إسمها الحشد الشعبي؟..وأنهم يمتنعون عن تقديم اي غطاء جوّي لأي قتال يكون الحشد الشعبي طرفاً فيه؟...يعني بعبارة أخرى، تختلف الولايات المتحدة اليوم مع الحكومة العراقية في تفاصيل قتال داعش وتترجم هذا الإختلاف الى "إمتناع" عن تقديم يد العون.
ولنتذكر، فإن السياسة لا يوجد فيها إمتناع مجرّد فقط، فمن يمتنع عن تقديم المساعدة في موقف معيّن، نتوقع منه أيضاً أن يُعرقل عمل الآخر على الأرض وألّا يكتفي بمجرد الإمتناع. ولنتذكر إنها ليست المرّة الأولى التي تتوقف فيها الولايات المتحدة عن دعم النظام السياسي في العراق منذ عام 2003.
وفي ضفة أخرى، يشترط الحشد الشعبي اليوم أن يتلقى دعوةً صريحةً من نوّاب محافظة الأنبار كي يدخل ويساند الجيش هناك. وهذا يعني أمرين صريحين مهمّين. الأول، إن قادة الحشد الشعبي يتوقعون طعنة إعلامية في الأقل من بعض نوّاب هذه المحافظة من الذين صعدوا(كما غيرهم)بأصوات الشد الطائفي.
والثاني، أن الحشد الشعبي لو دخل الانبار سيغير المعادلة المصالحية فيها الى حد كبير والى زمن قد يطول، فهو لا يرغب والحال هذه في أن يغير ويدفع الثمن على شكل حسابات مفتوحة من الدم بينما يقبض الاخرون الثمن إستعراضاً للعضلات الطائفية والحنجورية.
وأخيراً، وفوق هذه الحقائق، فالأمر واضح في أن سيطرة الحكومة على مناخ الإندفاع عند الحشد الشعبي لمحاربة الإرهاب ليست أمراً لا يخضع للتساؤل، بل من الواضح أنها لن تتمكن من ضبط الإيقاع السياسي للحشد الشعبي ..هذا خارج الإمكان ...الآن في الأقل.