المنبرالحر

ألا تصنع الأغاني دكتاتورا ؟ / ئاشتي

زرعتْ سنوات الخوف في روحي، جبالا من التردد والشك في الإفصاح عن انتمائي إلى بلد أسمه العراق، لهذا كنت أشعر وربما جميع ابناء جيلي ممن هربوا من جحيم نظام لم يعرف تاريخ العراق المعاصر مثيلا له، من أننا موضع شك وتساؤل من قبل سلطات البلد الذي نسافر إليه، حتى وإن امتلكنا جواز سفر تلك البلدان التي خيمت علينا برحمتها، ومنحت الكثير منا جنسيتها وجوازات سفر لا تحتاج إلى تأشيرات دخول، وقد كنا في دواخلنا نتفهم جيدا اسباب تلك الشكوك، فنحن من بلاد يحكمها دكتاتور ويمسك بتلابيبها، حتى بدا هذا الخوف فينا(وربما إلى الآن لا أدري) ونحن ندخل مطارات بلادنا في السنوات الأولى لرحيل النظام المباد، فقد تجاوز المئات عدد الأغاني التي تمجد( القائد الضرورة) ، والتي ساهمت بشكل فعال في تعزيز روح النرجسة لدى هذا الدكتاتور، مثلما وفرت القناعة لدى الغالبية من أبناء شعبنا، من أن نظاما بهذا الحجم من التمجيد لا يمكن أزالته.
زرعتْ سنوات الخوف في روحي، جبالا من التردد والشك في الافصاح عن انتمائي إلى بلد أسمه العراق، ليس تنصلا من هذا الانتماء، بل هو الخجل من الاتهام الذي كان يشاع في مختلف بلدان المعمورة، كيف لشعب يمجد جلاده عبر الكثير من القصائد والأغاني وعندما كنا نحتج من أن هذه الأغاني والقصائد يكتبها قلة من الانتهازيين والنفعيين كان الجواب عكس ذلك، وهذا ما يحملنا وزر الانتماء، كان ذلك في زمن تربع فيه دكتاتور مجنون على عرش هذا العراق، فقد كانت الأغاني التي لا تمجد ( القائد الضرورة) لا يمكن تصنيفها ضمن الأغاني، فكيف والحال بالاغاني التي تجعل من الحاكم متميزا عن ابناء شعبه (لبوه الجابتك مو مره والله) رغم أن هذه الجملة تحط من قيمة الأم، إلا أن الحاكم سعيد بها على ما يبدو، أو تلك الأغنية التي تمنحه صفة الاخوة مع الأمام الحسين ( يا أربات الحسين وصرت عباس) ألا يعني ذلك القناعة بالزهو الشخصي؟، مثلما يعني الفخر بروح الدكتاتورية المقيتة التي عرفها شعبنا؟.
زرعت سنوات الخوف في روحي ، جبالا من التردد والشك من جميع حكامنا، ممن تسول لهم انفسهم أن يصغوا إلى مجموعة من الانتهازيين والنفعيين كي يقولوا فيهم شيئا يعزز طوطم الدكتاتورية في نفوسهم، لهذا یفرحون كثیرا بأغان يعتقدون من أنها تمجدهم.
(العراق بشاربك يبن الحموله
ذهب ينكط ذهب حجي التكوله
العدل يمك يحومي وصار سوله
شخصك عاليضدك لعب جوله
من اصفن عليهه
اسد واتحود بيهه
لبوه الجابتك مو مره والله)