المنبرالحر

مسؤولية من هذه الفوضى ؟ / محمد عبد الرحمن

استفز مشروع بايدن من قبل ، ومشروع ثورنبيري الآن ، مشاعر الغيرة على الوطن ووحدته. وراحت الدعوات تتصاعد الى مقاطعة امريكا ورفض مساعدتها ودعمها، وهي التي يشد الرحال اليها العديد من سياسيينا المتنفذين ، متوسلين اليها ان تدعم هذا المطلب او ذاك ، او تقبل هذا الشخص وترفض غيره .
فامريكا ، وهي تنطلق من مصالحها ومشاريعها في العراق والمنطقة ، لم يزل لها الباع الطويل في التدخل بشؤون بلدنا، والتأثير على مجريات الامور فيه . لكن الفضل في هذا انما يعود قبل كل شيء الى البعض من سياسيينا، المهرولين لنيل رضاها وكسب ودها .. وليذهب الى الجحيم القرار الوطني المستقل ، ووحدة العراق ومصالح شعبه!
فهذا البعض وغيره قد فتح ابواب العراق من جهاته الاربع ، للتدخل الخارجي بهذا الشكل او ذاك في شؤونه. وتتكشف يوما بعد اخر حقيقة ان مواقف هؤلاء انما هي صدى لمواقف غيرهم وانها تملى عليهم من عواصم خارجية . وقد تطور الامر بشكل مريع، مع تمدد داعش ، الى تدخل مكشوف ومفضوح تحت يافطة المساعدة في دعم محاربة الارهاب، في استغلال بشع لحاجة العراق الى الدعم ، وفي مسعى لفرض حقائق جديدة على الارض.
ان جهات متعددة ترتكب يوميا حماقات جديدة ، في طول البلاد وعرضها ، من شمالها الى جنوبها ، ومن غربها الى شرقها ، وهي لا تبدي اي حرص على العراق ووحدته ومصالح شعبه، وتلك الجهات تتعامل مع المواطنين العراقيين المختلفين ، قوميا وطائفيا ودينيا، وكأنهم اعداء ، وليسوا مواطنين يتقاسمون العيش معهم في وطن واحد .
وفي حين لا يمكن التقليل من شر المشاريع الخارجية واجنداتها ، وهي بالمناسبة دائما وابدا تنفذ بأدوات داخلية ، فان سلوك المتنفذين والجماعات المسلحة المليشياوية على اختلاف اسمائها ، والمواقف المحرضة على الفرقة والفتنة والطلاق بين اطياف الشعب العراقي ، والتصريحات الاستفزازية من جانب بعض السياسيين الذين يلتحف قسم منهم بلحاف الدين والطائفة والقومية .. هذا كله هو الخطر الداهم على وحدة البلد وفقا للصيغة الفيديرالية، التي قبلتها نسبة عالية من ابناء الشعب العراقي وكما جاءت في الدستور .
ان هذا البعض الذي تمادى كثيرا في التماهي مع مشاريع لا تراعي مصلحة الوطن والشعب ولا تحترم التعددية فيهما ، ولا تنطلق من الحاجة في الظرف الراهن الى التعاون والوحدة اكثر من اي وقت مضى ، وتوفير مستلزمات الانتصار في المعركة الوطنية الكبرى ضد الارهاب ومنظماته، ومنها تنظيم الدولة الاسلامية « داعش « ، انه هو من يتحمل المسؤولية الاساسية عما نشهده من تدهور وفوضى ، ومن صعوبات جدية في حسم المعركة ضد داعش في اكثر من مكان ، رغم التضحيات الكبيرة لقواتنا المسلحة والمتطوعين والبيشمركة وابناء المناطق التي ابتليت ولا زالت بداعش وحلفائه.
ان مسؤولية ما يحصل الآن من تجاوزات شتى ، ومن مختلف الاطراف ، لا تقل باي حال عن مسؤولية السماح لداعش باحتلال الموصل، والتمدد الى مدن ومحافظات اخرى. وفي مفارقة يقل مثيلها في التاريخ المعاصر، لا يزال المسؤولون عن هذه الانتكاسة السياسية والامنية يصولون ويجولون ، وفي مواقع مهمة في الدولة !