المنبرالحر

أَبُو سُكينة وَمُتَلاَزِمَة بِيتَر بانْ ! / يوسف أبوالفوز

منذ ان صارت الكتب وعوالمها جزءا من حياتي، ظلت كتب الحكايات والاساطير تحتل حيزها المناسب ضمن اهتماماتي. ومنذ أسابيع نتابع أنا وزوجتي بشغف حلقات مسلسل تلفزيوني أمريكي شيق، على أحد مواقع الانترنيت الخاصة بالافلام الاجنبية. أنتج منه لحد الان اربع مواسم، عرضت منذ 2011، ويتواصل عرضها على شاشات 19 بلدا اوربيا، ناهيك عن مواقع الانترنيت الخاصة بالافلام. المسلسل أسمه "كان يا ما كان" (Once Upon A Time)، لاعلاقة له بعوالم الف ليلة وليلة وشهرزاد وشهريار. فصانعيه، وبذكاء، جمعوا شخصيات من عدة حكايات واساطير اوربية، وبلعبة ساحرة نقلوها الى عالمنا الواقعي وجمعوها في مدينة أفتراضية أسمها "ستوري بروك"، ونسجوا علاقات حب وانتقام تربط بين ماضي الشخوص في حكاياتاها الاصلية، وعالمها المفترض في عالمنا الواقعي الحالي . ظلت الاحداث في المسلسل تدور في اطار عوالم الحكايات الخرافية، صراع الساحرات الشريرات ضد الابطال الطيبين، صراع الخير والشر، وصراع الساحرات فيما بينهن، وعوالم الخداع والمكر والغدر، والحب في مواجهة الكراهية، والنهايات السعيدة دائما بالانتظار على حد اقوال ابطال المسلسل. أحدى شخصيات المسلسل المقتبسة كانت شخصية "بيتر بان"، التي وضعها اساسا الكاتب الاسكتلندي جيمس ماثيو باري (1860 ـ 1937)، وهي شخصية ولد شقي يمكنه الطيران ولا يكبر ويقضي جزءا من طفولته التي لا تنتهي في مغامرات على ارض جزيرة "نيفرلاند" كزعيم لعصابة "الاطفال الضالين"، ويتعامل فيها مع الحوريات والقراصنة والجن. والكثير منا تابع هذه الشخصية في أعمال كارتونية عديدة. في هذا المسلسل وضعت هذه الشخصية في جانب الشخصيات الشريرة، لخلق مزيد من التشويق، فصارت تتحكم بمصائر وحياة شخصيات اخرى، راحت تتعاون فيما بينها لانقاذ نفسها منه، والعودة الى حياتهم الطبيعية في بلدتهم "ستاربروك "!
كانت زوجتي تحكي لسكينة وزوجة جليل عن الاجواء الساحرة في المسلسل، والاخراج المتقن لعالم خيالي يمور بالالوان والتشويق والمفاجأت. وكنت اتحدث مع جليل عن موضوع آخر تماما ذكرني به المسلسل، موضوع سماه علم النفس "متلازمة بيتر بان"، ويتعلق بعدم رغبة الشباب في النضج فيواصلون سلوكيات طفولية طائشة بدون خوف، وبكثير من عدم المسؤولية، ويترافق ظهور هذه المتلازمة عادة مع الازمات الاقتصادية والسياسية في اي مجتمع .
كان صديقي الصدوق أَبُو سُكينة، يتسمع لكل كلمة نقولها، وما ان قدمت لنا ام سُكينة الشاي، حتى شهق وقال بدون مقدمات : أنوخذنا وحق داحي الباب. شنو قلت أسمها هاي .. اللازمة .. المتلازمة.. بويااااا هاي لاعبه بينا لعب واحنا ما ندري . أشوف ليش عندنا بعض السياسين لا ينضجون ولا يكبرون ويتصرفون بشكل طائش وبدون خوف ومسؤولية؟ أثاري هذا بيتر ابنك يا بان عايف جزيرة "نيفر لاند" وحط بـ"العراق بروك" ويقود عصابة "الاولاد الضالة" من كل نوع وكل جنس وكل قومية وكل طائفة !