المنبرالحر

رمادي .. رمادي .. جداً / قيس قاسم العجرش

ليس هناك دليل واحد على أن الولايات المتحدة قد دعمت فعلاً بعض عناصر عصابات داعش.
اتهم الكثيرون بعضاً من وحداتها بانها أنزلت (عن طريق الخطأ المُتعمد!) بعض الأسلحة الخفيفة في مواقع حُوصر فيها مقاتلو داعش. ولكن هذه القصّة لم تؤكدها مصادر حكومية عراقية.
بل إن معلوماتنا تقول إن رئيس الوزراء طلب شخصياً التأكد من صحة هكذا تقارير فجاء الرد الرسمي الحكومي لمكتبه: لا توجد حالات كهذه ولم يحصل أن تم تسجيل حالات كهذه.
الأرجح، إن إيراد إتهامات كهذه من أطراف بعينها هو نوع من (السياسة)! التي ترافق الأداء الباعث للتساؤل للإدارة الأميركية.
لكن لدينا سؤال قد يقلب الأشياء ربما مع الولايات المتحدة: هل إن واشنطن راغبة فعلاً في قتال داعش في العراق تحت أي ظرف كان؟
لقد سبق لها أن اشترطت علانية عدم السماح للحشد الشعبي بالإشتراك في معارك القوات العراقية مع التنظيم الإرهابي الدائرة في الأنبار.
لكن الحشد والحكومة والقوات العراقية لا تأتمر بأوامر واشنطن ورغباتها، لذلك بدأت مجاميع الحشد الشعبي تغيّر ميزان المعركة في الصوفية والكرمة وعامرية الفلوجة.
هذا الشرط من جانب الولايات المتحدة، المتواجدة فعلاً على أرض الأنبار، كان شرطاً سياسياً ولم يصاحبه أي تبرير سياسي معقول، سوى أنه اشتراط يمسّ إرادة العراقيين في لحظة تصديهم (نيابة عن العالم) للإرهاب.
وتعلم واشنطن ويعلم معها الحلفاء الذين اجتمعوا في باريس (كانون الثاني 2015) إن الشعب الأكثر بذلاً للدماء في مواجهة داعش اليوم هو الشعب العراقي لا غيره.
فهل من المنطقي أو من الأخلاق أن نسمع شروطاً سياسية قبل ان نلمس أي موقف داعم للعراق في هذه المعركة؟
من يرغب في مكافحة الإرهاب عليه أولاً أن ينزّه ساحته من الأغراض السياسية وأن يخرج من المساحة الرمادية في منازلات اخلاقية كهذه، ويقف بوضوح مع الناس الذين قرروا التصدي لداعش بلا مواربة.
إبداء المواقف "الرمادية" هو المناخ الأكثر تفضيلاً من جانب داعش كي تمعن في إجرامها، والمطلوب هو إظهار المواقف التي لا لبس فيها، لا مواربة فيها، لا اجتهادات فيها.
مع "داعش" نكون أمام أخطر سرطان عرفته البشرية، على الاقل خلال تاريخها المكتوب، فيه من الفاشية الكثير وفيه من الهتلرية النازية الكثير..لكنه (داعش) الآن هو الأخطر على وجه الأرض.
فمن المعيب جداً على أي شخص أو جهة أو دولة، أن تبحث عن ارباح سياسية بينما سيل ضحايا المواجهة مع الإرهاب لا ينقطع.