المنبرالحر

المواطن حايط نصيّص / قاسم السنجري

تحاول الجهات الرسمية أن تضع مسؤولية التراجع الأمني في محافظة الأنبار وسيطرة تنظيم داعش الإرهابي على عاتق وسائل الإعلام، وان اطلاق الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قد أدّى إلى توغل تنظيم داعش في مناطق جديدة. وقد يبدو هذا المبرر مقبولاً لأول وهلة، غير أن المتابع المطلع على تفاصيل الأخبار وما تبثه وسائل الإعلام المختلفة يجد أن من يطلق هذا التبرير لا يستند على وقائع ثابتة على الأرض. حيث أن الكثيرين يعلمون علم اليقين أن خدمات الأنترنت مقطوعة في مناطق المعارك العسكرية، ولا يمكن للجنود أن يدخلوا على صفحات التواصل الاجتماعي للإطلاع على شائعات مغرضة أو مزعزعة للعزيمة والمعنويات. حتى تنظيم داعش الارهابي عندما يطلق شائعات ويبث تسجيلاته المعبأة بالإرهاب، لا يستهدف الجنود الذين هم على خط المواجهة وفي لحظة التحام معه، بل يستهدف مدنيين بعيدين عن المواجهة ليبث الرعب في محاولة منه لزعزعة الاستقرار واجبار سكان المدن على النزوح وترك القطعات العسكرية بلا ظهر تستند عليه.
إن من يطلق التصريحات «المخيفة» هم مسؤولون «كبار» في الدولة، وزراء وضباط برتب كبيرة أو صغيرة، لهم سطوتهم ونفوذهم واحزابهم التي تقف خلف تصريحاتهم وتتبناها. وقد تداولت في الايام القليلة الماضية ألسن العديد من المسؤولين، تصريحات تفيد بوصول مسلحي عناصر تنظيم داعش إلى مناطق حزام بغداد، بل ذهب أحد المسؤولين أكثر من ذلك حين قال أن بغداد هي الهدف المقبل لتنظيم داعش، وكأنه متحدث رسمي باسم التنظيم الارهابي. قد يرى البعض أن المسؤول هذا كان (شفافاً) وصريحاً في اطلاع الشعب على الحقائق، ولكن التجربة الممتدة مع هذا المسؤول وزملاء له طيلة سنوات عديدة، اخفوا فيها الكثير من الحقائق ونتائج اللجان التحقيقية، وتستروا على فساد وزراء ومدراء، تجعلنا متحيّرين من هذه الصراحة حينما يتعلق الأمر ببث الخوف والرعب في صفوف سكان العاصمة بغداد.
غير أن ديدن المؤسسة الرسمية دوماً، هو القاء اللائمة على المواطن في كل شي، فلا نستغرب مثلا أن وزير الكهرباء يتحجج بعدم سداد فواتير الكهرباء من قبل المواطنين وتأثير ذلك على إنتاج الطاقة الكهربائية، على الرغم من علم الجميع أن وزارة الكهرباء أخذت من ميزانية الدولة العراقية ما يعادل ميزانيات بعض الدول مجتمعة ولعدة سنوات. أو أن يخرج مسؤول أمني عقب تفجير سيارة ملغمة وهو يحمّل المواطن ويتهمه بعدم التعاون مع الأجهزة الأمنية، في حين أن التفجير حدث بعد مرور السيارة المفخخة من إحدى السيطرات التي تعمل (بالسونار أبو الأريل).
الحكومة والمسؤولون الرسميون والشخصيات المتنفذة، لا يجدون (حايط نصيّص) مثل المواطن لتحميله أسباب كل ما يحدث، حتّى ذلك المواطن الذي فرّ من جحيم داعش يتم تحميله مسؤولية تهديد أمن العاصمة. ليس لوجود أدلة مقنعة، بل لمجرد شكوك وفي محاولة لإيجاد شمّاعة لتعليق مسؤولية الخروقات الأمنية التي تحدث في العاصمة على عاتق المواطن، وليكون المسؤول بمنأى عن اللوم.