المنبرالحر

ويتواصل هدر المال العام ! / محمد عبد الرحمن

الكثير من المشاريع قد تعطل ، ووزارات تلغي ما كانت خططت له هذا العام ، ومحافظات عدة تعلن افلاسها . ويعلن المسؤولون في دولتنا ان هذا وغيره يحدث بسبب قله الموارد المالية هذا العام وتواصل انخفاض اسعار النفط عالميا مقارنة بما كانت عليه قبل عامين مثلا ، وما جلبته آنذاك من وفرة مالية تصرّف بها المتنفذون دون تحسب وتحوط .
ولا احد يجادل طبعا في ان المتطلبات المالية للدولة قد زادت بفعل عاملين لهما صلة بما سببته سيطرة داعش على محافظات عدة ، وحرمان البلد من موارد مساحة قد تزيد عن 40 في المائة من اراضي العراق، بما فيها من امكانيات اقتصادية في مقدمتها النفط الذي يسيطر عليه داعش الان. والعامل الاخر له صلة بمتطلبات التصدي لداعش وزيادة النفقات الامنية والصرف على عقود التسليح الجديدة وتغطية نفقات التشكيلات المسلحة المستحدثة والآخذة بالتوسع .
لكن لا اظن ايضا احدا يغفر للمسؤولين المتنفذين، خصوصا في الحكومة السابقة ، ويتجاهل مسؤوليتهم عما حصل ، وما وفروه من عوامل التداعي والتفكك التي وظفها داعش في تمدده ، ولا يزال يوظف العديد منها لادامة سيطرته على المناطق التي ابتليت به .
الوضع المالي المأزوم قاد الى اطلاق دعوات لشد الاحزمة على البطون ، ولكن يبدو في الممارسة العملية ان تلك الاحزمة قد شدت بقوة وقسوة على البطون الخاوية اصلا ، فيما «كروش» البعض لا زالت تكبر وتتوسع وتتدلى. فرواتب المسؤولين ووذوي الدرجات الخاصة والوزراء والنواب والرئاسات الثلاث ، ومخصصاتهم ونثرياتهم وحماياتهم وايفاداتهم ، لا تزال كما هي وكأن شيئا لم يتغير، وان لا احد معني بالتقشف سوى المواطن العادي المبتلي بسياسات المتنفذين ونتائجها الكارثية .
وفي الوقت الذي يعلن فيه بعض المؤسسات والوزارات انها اوقفت مشاريعها والغت ما خططت له ، وسرحت العديد من العاملين ، خاصة من عمال العقود والاجور اليومية ، فان التقشف لم يزر مكاتب الوزراء والمسؤولين الكبار ونثرياتهم واعادة تاثيثها بملايين الدولارات ، فيما بعضها كان قد جرى للتو تبديل اثاثه من اموال الناس الفقراء . وتقدم وزارة فشلت في تقديم الخدمة للمواطنين على شراء سيارات مصفحة من دون حاجة فعلية لها ، فيما مسؤولون آخرون لا يزالون يأتون الى العراق كموفدين، وجل وقتهم يقضونه متجولين في عواصم العالم سياحة على حس?ب المال العام !
لم يندهش المواطن لاصرار المتنفذين على الاحتفاظ برواتبهم العالية ولرفض الوزراء تخفيضها مثلما اعلن ، بل واندهش لتواصل حالة البذخ بدون ادنى شعور بالمسؤولية على المال العام . والانكى ان المعنيين يواصلون الحديث عن التقشف ويدعون المواطن الى التضحية ،ودعم اجراءات الدولة!
الكثير يمكن قوله عن حالة الهدر المتواصلة ، والتعيينات مدفوعة الثمن ، وعن المقربين والمحسوبين خارج الضوابط المعلنة ، فيما الآلاف من الخريجين ، ومن حملة شهادات الماجستير والدكتوراه ، يتظاهرون ولا احد يسمع اصواتهم .
صحيح اننا في حالة حرب ضد الارهاب ، وهي مهمة وطنية لا يعلو عليها شيء ، ولكن التصدي لهدر المال العام لا يقل اهمية ، فالفساد والارهاب يكمل بعضهما الاخر