المنبرالحر

مفارقات ! / محمد عبد الرحمن

لا يكاد يمر يوم الا وتحصل مفارقة من العيار الثقيل في عراقنا المبتلي بداعش والمحاصصة والقوى الخارجة عن سلطة الدولة والقانون. وكم من السياسيين اوغير السياسيين وجدوا انفسهم في مواقع مسؤولة ومتنفذة، غير مصدقين بذلك هم انفسهم قبل غيرهم .
تلك المفارقات عديدة ، ويبدو ان المواطن قد اعتاد على الكثير منها . فنرى ونشهد ونسمع التصريحات والمواقف المتغيرة ، المتقلبة ، حتى لتظن ان المتحدث في الصباح هو غيره في المساء ، وقد تجد بين الموقفين موقفا اخر .
حقا يصعب ليس على المواطن االمسكين متابعة ما يجري، وفهم حقيقة المواقف ، بل لم يعد المتابعون الجادون يفقهون بعض ما يستجد في مشهدنا السياسي الملتبس والمتشابك والمعقد ، والذي تزداد خيوطه تشابكا يوما بعد اخر .
هذا كان يحصل في الماضي ايضا ، بل وشهدنا التقاطعات الحادة في مواقف الطاقم الحاكم ، ومنه امتدت تلك التقاطعات الى داخل الكتل السياسية المتنفذة ذاتها ، بما في ذلك التسقيط السياسي الذي ما زال جاريا بهذا الشكل او ذاك .
ما الجديد اذن ؟ فالكتل الماسكة بالسلطة سادرة ومصرة على نهجها وهو محبب لها رغم نقدها الخجول له ، لما يدره عليها من منافع ومغانم ومكاسب ونفوذ وسلطة .
الجديد هو هذه المخاطر المحدقة بالعراق من كل حد وصوب ، فيما المتنفذون لاهون بامور اخرى تخصهم وحدهم ، ولا علاقة لها بهذه الملايين التي تزداد معاناتها وقهرها وحيرتها .
الجديد هو هذه الحرب التي فرضت علينا ، ويبدو اننا لم نتهيأ لها لحد الان ، على الرغم من تقديم الشهداء والضحايا ومعاناة النازحين وصرف مبالغ كبيرة من المال العام ، وعلى الرغم من اننا نقترب من الذكرى الاولى لكارثة احتلال داعش لمدينة الموصل ، فيما لجنة التحقيق في اسباب سقوطها لا تزال تناقش البيضة من الدجاجة ام الدجاجة من البيضة !
والجديد ، ايضا ، يكمن في هذه التحديات الجمة التي يراد مجابهتها والتصدي لها ، ان توفرت الارادة الوطنية الحقة . لكن ، ما هو يؤسف له ، ان الدلائل لا تشير الى كون المسؤولين قد استوعبوا الدرس بعد. والا فكيف يمكن ان ننتصر ولدينا عدة رؤوس تقود معركة التصدي لداعش - وواحد يجر بالعرض وآخر بالطول ؟ وكيف نحقق الانتصار ، فيما متصدر المشهد يصف خطط الحكومة بانها « مضحكة «؟ واي تاثير على معنويات القوات المسلحة تتركه هذه المواقف ومثيلاتها التي ازدادت في الفترة الاخيرة ؟ واية رسالة تطمين تذهب الى ابناء المناطق التي احتلتها داعش ، عندما يعلن احدهم انهم ذاهبون الى الانتقام وليحدث من بعد الطوفان .. وليقولوا ما يقولوا ؟! وكيف لنا بالانتصار عندما يترحم احدهم على داعشي مجرم ، ويفرح البعض لاستشهاد جندي عراقي !.
القلق ما زال كبيرا في ظل هذه الفوضى الطانبة ، والفساد المستشري االذي يكاد ان يطول كل شيء ، بما فيها الاموال المخصصة للنازحين وكرفاناتهم !