المنبرالحر

جاسوسنا الكريم / قيس قاسم العجرش

مرّة واحدة منذ عام 2003 ولغاية اليوم فعلتها الحكومة العراقية، وربما ندمت بعدها. مرّة واحدة اتهمت إحدى دول الجوار بالإسم بأنها تقف وراء الإرهاب الذي يضرب العراق.
لكن حتى في تلك المرّة كان إتهاماً خجولاً وجاء في محاولة لاحتواء التساؤلات الشعبية الكبيرة بعد تفجير استهدف وزارة الخارجية ومُنح في حينها لقب» الأربعاء الدامي».
في تلك المرّة اليتيمة، وقف الناطق باسم الحكومة حينها ووجه الإتهام الى النظام السوري. ليس باعتباره راعياً رسمياً لمعسكرات تدريب الإرهابيين، إنما (وفي ذلك شيء من التفذلك) الى كون سوريا تؤوي الذين تورطوا بدعم الإرهاب في العراق من بعثيي النظام المُباد..هكذا جاء الإتهام حينها.
بعدها عدنا لنسمع كالمعتاد بدول الجوار التي تتدخل بالشأن العراقي دون أن نعرفها أو دون أن نشخصها أو يجرؤ احد على ذكر تفاصيل تدخلها في دعم الإرهاب تحديداً .
ومثلما عرفنا حالة عائمة في إتهامات الفساد الذي لا ينكر وجوده أحد، بينما لا يتجرأ أحد على إدانة مسؤول كبير بسببه، تم تعميم التجربة على الواقع الأمني ...فصرنا نسمع بدول الجوار التي تدعم الإرهاب من دون ان نسمع ولا مرّة إتهاماً صريحاُ لإحداها كي تستريح قلوب الناس الحائرة في الأقل.
المصيبة أن نكبة الموصل وما تلاها قللت من إحتمال اختلاط أمر(دول الجوار) المجهولة الى حد كبير، وصارت الحزورة أسهل على الحل! ومع ذلك لم يحل اللغز أحد!
لنتذكر مثلاً أن كيان داعش لديه تماس مع تركيا وهي الدولة الوحيدة التي لها تماس معه ولم تدخل في اشتباك مع مقاتلي التنظيم الإرهابي بعد!
وبالعودة الى يومنا العكر هذا، يبدو أن السلطة القضائية لدينا هي الأخرى مغرمة بالألغاز، مثل الحكومة. فقد صدر حكم مؤخراً بالسجن خمسة عشر عاماً على»جاسوس» مدان يعمل لصالح إحدى دول الجوار! لغز آخر، أو ربما هي حفاوة بهذا الجاسوس كي لا يندم على فعلته كما ندمت الحكومة حين اتهمت النظام السوري، الذي اصبح لاحقاً في خندق يواجه القاعدة وداعش، يعني على عكس الإتهام السابق تماماً.
ومع ذلك لم يكلف أحد نفسه عناء الإيضاح للناس.
السلطة القضائية هي الأخرى لا تشعر بأن من واجبها أن تطلع الناس على جنسية هذا الجاسوس، أو الجهة التي ثبت أنه يعمل لصالحها..أو الشبكة التي كان يعمل ضمنها. مرّة اخرى نعود الى التعامل»الأبوي!» الذي يرى في نفسه الأعرف بالمصلحة وأن من الخطر على الشعب أن يعرف الحقائق!