المنبرالحر

لن تنفع الحلول الترقيعية !/ محمد عبد الرحمن

مرت يوم الاربعاء الماضي ، الذكرى الاولى للانتكاسة-السياسية- الامنية المتمثلة بسقوط الموصل في 10 حزيران بيد داعش الارهابي ، وما حصل بعد هذا من تداعيات كبيرة وعديدة .
الحدث الزلزال ، بقدر ما هو مؤسف ومؤلم ومحزن ، فإنه سلط ضوءاً كاشفا لكل العيوب والعورات واسقط ورقة التوت التي كثيرا ما سعى عدد غير قليل من السياسيين ، ومنهم المتنفذون ، الى التغطية بها على حقيقة مواقفهم المتهالكة .
كشف تسونامي الموصل هشاشة البناء في مؤسسات الدولة جميعا ، المدنية والعسكرية ، وحقيقة التلاعب بمصير الوطن ، ومدى الانغماس في الفساد لدرجة عقد الصفقات مع الارهابيين والاتفاق معهم على تهريب نفطنا ! . وعرّت الاحداث على نحو مخيف الاهدار الكبير في المال العام وحقيقة ان ال 37 ملياراً التي صرفت على المؤسسة العسكرية لم تجد لها اثرا ذا قيمة على الارض ، سيما عندما حانت ساعة المواجهة في اول اختبار جدي .
وفي هذا الشأن يقول خبراء امنيون: ان ما كان موجودا في الموصل وحدها من عديد القوات المختلفة واعتدتها كان يكفي للدفاع عن البلد بكامله ! .
إنه لو وقع اقل بكثير من ما حصل عندنا في دول تحترم نفسها ، وتحترم شعبها ، لتمت مراجعة شاملة لكل شيء ، ولما بقي المسؤولون عن ما حصل يصولون ويجولون ،ويجرى تكريمهم بإسناد مناصب جديدة اليهم ! الحقيقة المرة انه لم تحصل المراجعة المطلوبة ، حتى لجنة سقوط الموصل التي هي لا تغني ولا تسمن من جوع لم تكمل تقريرها بعد ، فكبار المسؤولين لا يجيبون على اسئلتها بعد رفضهم اللقاء بها ! .
لم يحصل شيء جدي منذ الكارثة ، فيما اجواء عدم الثقة عادت الى المسرح ، و التراشق بالاتهامات قائم على قدم وساق ، وشعبنا يواصل تقديم التضحيات ، وبالارواح قبل اي شيء اخر . ارواح ابناء القوات المسلحة والمتطوعين والبيشمركة، وابناء العشائر والمناطق التي ابتليت بداعش .
فمن دون ارادة قوية وجادة والاقدام على خطوات جريئة ،وتصحيح مسارات العملية السياسية ، وما علق بها من مشاكل وتعقيدات جمة لدرجة اثقلت خطواتها وباتت تراوح في مكانها ، ما يعني بحكم حركة الـــزمن واستحقاقاته تـــــراجعاً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، يصعب الحديث عن انتصارات كاملة ، وقد يظهر لنا داعش بعناوين اخرى جديدة .
فالمراجعة الشاملة ، الناقدة الفاحصة ، غدت استحقاقا لا مفر منه ، الا اذا اراد المتنفذون ان يبقى سلطانهم على كراسيهم فقط ، وان تقام امارة المنطقة الخضراء.
ويقينا ان استحقاق المراجعة لن ياتي طواعية ، وهو ما يتوجب ادراكه ، وتلافي النتائج الكارثية في الاصرار على تحويل الاخطاء الى خطايا .
نعم، هناك فشل واضح وجلي على اكثر من صعيد ، ولن يحل بالترقيع . وهو الذي قد جرب فكان سيل الكوارث ينهار علينا ، ومن بينها الاكثر ايلاما وحزنا، احتلال داعش مدننا واخذ ابنائها رهائن لمشاريعه الدنيئة .نعم الصراخ وكشف الحقائق مطلوبان ، ولكن المطلوب اكثر هو فعل الناس ، وعليهم قلب الطاولة قبل فوات الأوان .