المنبرالحر

هل يتعظ المغرورون من نتائج انتخابات تركيا؟ / د.محمود القبطان

قافلة العراق تسير ضد الرياح فامتلأت الافواه برمال صحراء الفساد السياسي لتضيّع الطريق على قياداتها وتضيّع من يسير مع هذه القافلة ليصبح الشعب بدون خدمات ودولة بدون انتاج إلا اللهم العطل الرسمية وغير الرسمية وتركيز المسؤوليات في يد واحد وهي السلطة التنفيذية او الرئاسات الثلاث الغير مختصة اصلا .يدور حول الرأس الاول وفي كل الوزرات الخمس فريق يقدم استشارات ليست من اختصاصهم وربما لانهم من طينة متشابهة ليست بالضرورة من طائفة أو حزب واحد وانما من نفس المقاس في تضييع العراق وبأسرع وقت، فالعراق مهدد بالتقسيم وحسب مواصفات "التحالف" الدولي اي امريكا ودول الخليج بالرغم من مخاوفهم او التهويل بالارهاب الذي تدعمه دول معينة ومعروفة بالمال والعدة والبشر وبتهويلهم الامر يكونون قد ادوا خدمة ومطلوبة منهم لارهابيي داعش وليظهروا ان العراق بجيشه وشعبه ليس قادرا على تجاوز محنته التي امتدت منذ 2003 وليومنا هذا وتكللت باحتلال اكثر من نصف العراق. فأسس العراق الجديد على اساس المكونات ونفخت الروح في جسد العشائر وقوانينها المتخلفة وانتشر السلاح كالنار في الهشيم واصبح التظاهر وسيلة للضغط على الدولة في تمرير اجندات سياسية وليست وسيلة لتحقيق مطالب شعبية مشروعة. اخذ البرلمان الكسول يحقق بأسباب سقوط الموصل وجريمة سبايكر و احتلال الرمادي وبيجي وبالرغم من عدم اختصاص رئيس لجنة التحقيق هذه وغيرها فألامر يبدو فقط للتمويه من اجل لفلفة القضايا الخطرة المناطة بتلك اللجان ولان البعض لم يحضر توجهوا لهم بالاسئلة التحريرية ولم يبادروا حتى بالاجابة لا بل امتنعوا عن ذلك "لانها استفزازية وملغومة"...المثل يقول :المبلل ما يخاف من المطر! فلم خوف البرئ من اسئلة توضيحية والجميع يسير في نفس القافلة؟
جرت انتخابات في تركيا واعتقد رئيسها صاحب نكتة "الصراصير" ان بإمكانه فرض ارادته وتحويل الدولة الى مؤسسة تابعة له ليُغير الدستور كما يريد مما دفعه الغرور هذا الى التضحية برئيس الجمهورية السابق والذي كان له الفضل في ايصاله، اي اردوغان، الى مناصب رفيعة. بدأ اردوغان بالتصعيد ضد سوريا ومن ثم العراق عبر السماح لمجرمي داعش العبور الى هذه المناطق وتزويدهم بكل الوسائل المطلوبة لاشباع غروره السلطاني العثماني لان في نفسه حقد قديم منذ فترة امبراطوريته ولم يأخذ بنظر الاعتبار المليارات التي تمطر على دولته من العراق عبر الاستثمارات والشركات التركية العاملة في العراق. اقول غروره قاده الى مالم يكن يتوقعه في الانتخابات الاخيرة وجاء رئيس وزراءه باكيا ليقدم له الاستقالة وغلبهم الوجوم من هذه النتائج الكارثية لحزبهم الاسلامي الفاسد. لقد فقدوا السيطرة على البرلمان وعلى خطة تغيير الدستور لصالحهم...لكن هل يعي اسلاميو العراق السياسيين هذه النتائج؟ هذا ما اشك فيه لانهم مازالوا يدورون حول انفسهم حول ما يقولون ما بين التهميش وما بين عدم الالتزام بالاتفاقيات وما بين تقسيم كعكة الدولة في ما بينهم. قول وصياح وتصريح وباعلى اصواتهم "مديري" العملية السياسية انهم وصلوا الى هذا المستوى من الاداء الفاشل في ادارة الدولة بسبب المحاصصة والذي غيروا اسمه الى التوازن بين المكونات...نكتة تشبه نكتة ابو الصراصير، يسيرون بسياسة تقسيم الشعب الى مكونات والدولة الى اقطاعيات وتفريخ اشخاص الصدفة الى ملياردية بزمن قصير وبدون تعب واجهاد ويسبون المحاصصة والتي يلتزمون بها وينفذون اجندتها بكل تفاصيلها ولا يستطيعون العيش بدونها كالسمك لا يعيش خارج الماء.
دولة تعيش على اسعار انتاج النفط وفي لحظة تصل الى حد الافلاس وتبدأ تفكر بالتفتيش عن موارد جديدة من جانب ومن الجانب الثاني تغض النظر عن سراق المليارات من الدولارات بسبب التوافقات السياسية بين "المكونات" واحزابها البالية. دولة تعدّل من قوانين القضاء تحيل هذا للتقاعد وآخر تعينه لاجندات خفية لا يعلم بها إلا الساسة المتحالفون حتى مع الشيطان. دولة لا تحترم حقوق الانسان بالمعنى الحقيقي جعلت من قوانين عشائرية بالية تأخذ مكانها بديلا للقانون والقضاء، يبادولون القتل بسبايا من النساء وبينهن عمر" النساء" طفلة مازالت تلعب مع "عرايسها ومطبخها" أم بنت قريبة للنضج، ولا يختلف هذا القانون العشائري الجنوبي والغربي والشمالي والشرقي عن ما يقوم به مجرمي داعش حيث سبايا الايزيديات مازلن بأحضان هؤلاء الانذال الذين ما فتأوا يخترعون القوانين والانظمة التي تديم دولتهم المجرمة أما سياسيونا "ابطال" المنطقة الخضراء هم ساهون عما يحدث وعما سوف يحدث للعراق في الاشهر القريبة وعندها يتبادلون التهم وتشكيل اللجان العبثية المحاصصاتية. دولة مازالت تدور في فلك المصالحة الوطنية والتي لا يعرف ماهي الياتها وكيف تتحقق هذه" المناطحة" اللاوطنية؟ هل بإعفاء من صدرت احكام ثقيلة تصل حد الاعدام من اجل المصالحة ؟ هل الاحكام السابقة سياسية ام جنائية مع الادلة الثبوتية؟ اذن اين استقلال القضاء؟ من حقق مع هؤلاء وكيف تمت محاكمتهم ليأتي قاضي جديد ويبرأهم من التهم التي ادينوا بها؟ اهذه يسمونها مصالحة؟ ام اهانة القضاء الذي لطالما تغنى به البعض بأنه معروف بنزاهته؟ وهل كان نزيها في زمن صدام والبعث ام فيما بعد في زمن المالكي مثلا؟؟
يعرض معصوم رئيس الجمهورية بزياراته الاخيرة ولقاءاته الجديدة مشروعا للمصالحة الوطنية لكنه ينسى بان مصالحة من اجل العفو عن المجرمين او ازالة التهميش لمن لم يهمشوا ومصالحة بين نفس الفرقاء سوف تكون عرجاء وسرعان ما تختفي بعد التوقيع على بنودها لان ليس هناك ثقة بين الخصوم.
ما العمل؟ لقد حدد الحزب الشيوعي العراقي نقاط الالتقاء وآلياته وانجاح حقيقي لمسيرة العراق عبر التغيير واصلاح في سياسة البلاد وذلك عبر القضاء على الفساد الذي اصبحت الدولة متأكلة بسببه وتوقفت الحياة في جسدها ،اعادة هيكلة المؤسسة العسكرية على اسس وطنية واحترافية ضمن عقيدة عسكرية كل هذا يتم عبر التحضير لمؤتمر وطني يجمع كل الفصائل والاحزاب التي تساند العملية السياسية والفكرة طرحت منذ ان كان الطالباني رئيسا للجمهورية لكن العقدة التي ابتلت بها الاحزاب الاسلاسياسية هي خوفها من "البعبع" الكبير ولكنه الذي لا يلين من الاخذ بمبادرته لتسجل له نقطة في الانتخابات القادمة الا وهو الحزب الشيوعي العراقي المعروف بوطنيته واخلاصه للشعب والوطن. والسؤال الذي سوف يكون ضاغطا على كل سياسيي الصدفة هل سوف يستمرون بغروهم مثل ما اصبح عليه اردوغان وما آلت اليه انتخاباته الاخيرة أم لهم نفس وطني حقيقي في التغيير؟ وهل سوف يستمرون بفرض تعديلات على قانون الانتخابات ليلائم تواجدهم في المنطقة الخضراء والذي لا يتعرضون فيه حتى للشمس ونسوا انهم سوف يصابون بنخور وهشاشة العظام لهذا السبب سياسيا وصحيا عاجلا أو آجلا. الحراك الشعبي قادم لا محال مهما وزعوا "ادوية وحقن" التهدئة والمخدرة الدينية تارة والمالية تارة اخرى، عبر الغاية تبرر الوسيلة الميكافيلية، لبعضهم البعض وسوف تبقى الهواجس وعدم الثقة حتى لو قسموا الحصص بالتساوي، وهذا محال، لانه ليس فيهم من يريد ان يسير العراق بالاتجاه صحيح والتقدم على كافة المستويات لان في ذلك كشف للفاسدين وهذا ما لا يريدونه.
وعلى التيار الديمقراطي ان يظل ضاغطا ويكثف من لقاءاته مع الجماهير عبر ندواته وبدون انقطاع واستغلال كل القنوات الفضائية والتي يتابعها العراقيون لفضح الفساد والخلل في العملية السياسية والضغط باتجاه اقرار قوانين مهمة مثل قانون المحكمة الاتحادية وقانون الاحزاب وتعديل بنود الدستور وتعديل قانون الانتخابات وقانون العمل الخ...لان بقاء الامور هذا سوف يدمر ما تبقى من العراق. فهل نحن فاعلون؟
لقد فشل اردوغان في اسلمة تركيا بطريقته الخاصة وسوف يفشل اسلاميو العراق لنفس السبب مهما حاولوا تغيير الانظمة والقوانين لان التأريخ له قوله و لانهم لا يعتمدون المخلصون من الشعب في البناء والتقدم.