المنبرالحر

الأمريكيون يدربون الطرفين / علي فهد ياسين

قرار الرئيس الامريكي الذي وقعه يوم الثلاثاء الماضي، بنشر(450) عسكرياً أمريكياً لتأسيس ( قاعدة تدريب أمريكية) شرق الانبار، هي (الخامسة) بعد قواعد أربع كان أقامها الجيش الأمريكي في(قاعدة عين الأسد وبسمايا والتاجي وأربيل)، بعد سيطرة داعش على محافظات عراقية تشكل ما يقرب من ثلث مساحة العراق، ونشر فيها(3100)عسكري، قال الملحق العسكري للسفارة الأمريكية في بغداد، أن مهمتهم ليست قتالية، انما هي(لتحسين قدرات العراقيين على التخطيط والقيادة !)، وقد أنتظم فيها أكثر من تسعة آلاف، اضافة الى ثلاثة آلاف يجري تدريبهم في الوقت الحالي!.
على ذلك تكون مهمة كل(مدرب أمريكي)هي تدريب(4)عراقيين على(التخطيط والقيادة!) طوال العام الماضي، العام الذي اشتدت فيه المعارك ضد داعش وقدم العراقيون فيها ومازالوا آلاف الشهداء دفاعاً عن شعبهم وارضهم وممتلكاتهم وأوابد حضارتهم وتأريخهم الانساني الممتد عبر آلاف السنين، الذي كانت داعش تقوم بتدميره منهجياً، وتصوره ليبث عبر وسائل الاعلام العالمية تحت أنظار الأمريكيين وحلفائهم .
الادارة الامريكية التي أرسلت مدربيها في هذا الوقت بالذات، لم تف بالتزاماتها في توريد عقود التسليح التي كانت ابرمتها مع العراق بعد مغادرة جيشها المحتل في العام 2009 ، فما الذي يفعله مقاتل متدرب على التخطيط والقيادة دون اسلحة واعتدة لتنفيذ مهماته؟،وهي ولم تكتف بذلك بل كانت ولازالت تضع العراقيل أمام عقود التسليح التي ابرمها العراق مع دول أخرى مثل روسيا التي فرض الامريكيون وحلفائهم الاوربيون عقوبات دولية عليها بعد الازمة الاوكرانية تمنع تصديرها السلاح ، وهو مخطط يبدو أنه مدروس بعناية شديدة لبقاء العراق في دوامة الصراع السياسي حتى قبل دخول داعش ، لتجريد البلاد من قدراتها لمواجهة الارهاب، ومازال معمول به لتقوية داعش وادامة وجودها.
قبل أسابيع من قرار اوباما ارسال وجبة جديدة من المدربين الامريكيين الى العراق، كان اقر قانوناً لتدريب (فصائل مسلحة) تعارض النظام في سوريا، في قواعد على الاراضي الاردنية والتركية، هذه الفصائل هي من(جنس) داعش في الفكر الظلامي التدميري، وكأن الادارة الامريكية ورئيسها تعتمد سياسة تدريب طرفي الصراع في المنطقة العربية ، لضمان أهدافها في ابقاء المنطقة مرجلاً للدماء والقسوة الخارجة عن المفاهيم الانسانية، بأدوات محلية ورعاية حكومات في المنطقة تنفذ تلك الاهداف المدفوعة أثمانها من ثروات الشعوب.
ما يرشح من سلوك أمريكي في موضوعة الحرب على داعش في العراق ، يؤكد دون شك، ليس على عدم جدية أمريكا في هذه الحرب كما يقول البعض، انما على جديتها العالية التخطيط والتنفيذ في ابقاء (ساحة الحرب) مفتوحة على جميع الاحتمالات، وصولاً الى الاهداف الامريكية المرسومة في واشنطن ، فمن يدرب طرفي صراع لا يريد لصراعهم نهاية سريعة، ومن يمتلك قدرات شل حركة ارتال داعش بين العراق وسوريا ولا يحرك ساكناً في تدميرها لا يريد لداعش الاندحار في الحرب، ومن يساهم في تأليب وصراع الساسة في العراق لا يريد للعراقيين الانتصار على الارهاب، وهذا كله قامت به أمريكا في العراق، وهناك المزيد منه لازال تحت الطاولات وفي دهاليز السياسة في العواصم المعنية ومنها بغداد بالطبع !.
الوطنيون الحقيقيون لا يحتاجون شواهد اضافية حول عقم الاعتماد على أمريكا في تجنيب بلدانهم وشعوبهم ويلات الصراع السياسي والحروب، لأن التأريخ قدم ويقدم مجلدات من الوثائق المؤكدة على ذلك، ومن ضمنها الوثائق الامريكية المعتمدة على شهادات شخصية لذوات كانوا أطرافاً في الاحداث، فهل نستوعب الدرس الامريكي، أم نستمر بتنفيذ محتواه بقصر نظر، رغم ادراكنا لفداحة نتائجه المدمرة على مستقبل العراق ؟!.