المنبرالحر

بروتوكول وعباقرة / قيس قاسم العجرش

بالتأكيد تعرفون فوائد الظرف الورقي الذي توضع فيه الرسالة ويغلق باللصق.. فهو يحافظ على ورقة الرسالة ويخفيها عن أعين المتداولين ولا يسمح بإبدالها كما إن له فوائد كثيرة أخرى.
الإغريق كانوا يلصقون ورقة فوق ورقة الرسالة الأصلية المختومة، يلصقونها من كل الحافات حتى لا يمكن التلاعب بالمتن حين تتنقل من مدينة الى أخرى بيد ساعي البريد، هذه الورقة كانت تسمى «بروتو-كولان»، ومنها اشتقت كلمة «بروتوكول» والتي تعني اليوم في الدبلوماسية مجموعة الضوابط المتّفق عليها والتي تحكم تصرفات ممثلي الدول، ملوك ورؤساء ووزراء وغيرهم.
وفي كل زمان كان من بين هؤلاء من يخرق البروتوكول، عمداً او جهلاً، حماقة في التصرّف أو بلاغة في إيصال المراد، باستخفاف مقصود أو أن الصدفة قد تلعب دورها دائماً كانت هناك أسباب كافية لتفسير الخرق.
دولياً كانت الولايات المتحدة وربما مازالت متصدرة لهذه الخروقات، هيلاري كلينتون أمسكت بالإمبراطورة ميتشيكو إمبراطورة اليابان في طوكيو ونزلت فيها «بوس»!..كما تفعل أي إمراة عراقية في حفلة مهر إبنها حين تستقبل شقيقاتها والكنّات!.
الرئيس أوباما هو الآخر خرق بروتوكول السعودية حين جلب معه زوجته معزياً في وفاة الملك عبد الله، خارجية المملكة لم يكن لديها علم بقدوم ميتشيل ولا الإعلام الحكومي فاضطر السعوديون الى تغطية وجه السيدة الأولى متى ما ظهر في البث المباشر حيث انها لم تكن تغطي شعرها!. الملك هو الآخر يبدو أنه كان مُغتاضاً من حركة اوباما فاستأذن منه ليؤدي صلاة الظهر وترك الرئيس واقفاً لعشرة دقائق ينتظر إنتهاء صلة الملك بربه. الرئيس فرانسوا أولاند، رئيس الدولة التي «اخترعت» الأتيكيت وتفننت بالبروتوكل وأبدعت كل شيء على طريقتها الفرنسية ?لمتميزة، وجد نفسه لا يعرف اليسار من اليمين حين اضطرت المستشارة انجيلا ميركل الى ان تسحبه من يده كي تضعه في مكانه في استقبال رسمي الماني. لكن أولاند لا يحمل أجندة خفية إنتقامية ببعثرته للبروتوكول ولم يتعمد الإستهزاء، على الأقل هكذا كتبت عنه الصحافة الفرنسية. الرجل في حقيقته لا يعرف البروتوكول. ولذلك وضعت الكاميرات عينها عليه بصورة غير اعتيادية في وقفة تأبين ضحايا هجوم جريدة شارلي إيبدو الإرهابي ولحسن الحظ لم يخرّب بروتوكول مراسم الشرطة كما توقع منتقدوه لكنه مضى في كلمة مطولة إرتجالية. وعلى ذكر الإرتجال، سبق للقذافي أن ارتجل خطاباً في الأمم المتحدة استغرق ساعة ونصف بينما كان الوقت المخصص له هو ربع ساعة.
باختصار، البروتوكول هو نوع من صورة الشعوب، يحملها ممثلوها الى الآخرين.