المنبرالحر

( معبر بزيبز ) جسر الموت والحياة والعبر / انتصار الميالي

معبر بزيبز هو جسر صغير يربط محافظة الانبار بالعاصمة بغداد شهد دخول العوائل النازحة في الاسابيع الاخيرة الماضية ، كما شهد تقييدا في دخول النازحين وفق شروط وضعتها قيادة عمليات بغداد ومنها وجود الكفيل، بينما عملت حكومة الانبار على تأمين وسائل لنقل النازحين من المعبر الى العاصمة ومن بعدها جوا الى اربيل.. عندما شاهدنا على التلفاز منع نازحي الانبار من دخول بغداد شعرنا اننا امام موقف وقضية انسانية شغلت العديد من المنظمات الانسانية. كنا امام عشرات الالاف من النساء والاطفال المنتشرين قرب الجسر وعلى جانبيه وفوقه، والسلطات تمنع دخولهم الى بغداد والمدن العراقية الاخرى وكأنهم اجانب واغراب لاينتمون الى العراق، في المقابل كان هناك صمت مخيف من قبل قادة العراق وخصوصا اولئك الذين ينتمون الى نفس المذهب الذي تنتمي اليه تلك الحشود العراقية التي عاشت صورة من اسوأ صور الكوارث الانسانية. اطفال يضربهم الحر وكبار سن ونساء يموتون، موقف كان الابعد بألف سنة ضوئية عن ادنى مقومات الانسانية والحس الوطني، وشهد معبر بزيبز موت عدد من الاطفال والنساء، ومرة اخرى يكشف لنا معبر بزيبز ضعف الارادة السياسية امام المزيد من الامتحانات اليومية التي يفترض ان يثبتوا من خلالها انهم ينتمون الى العراق والشعب العراقي ويقفون موقفا حازما بوجه اخطر محنة يمر بها البلد وهو يسير باتجاه التمزق الطائفي الذي سيعصف بكل العراقيين. لم نشهد مواقف تؤكد على لحمة الشعب بكل اطيافه في محنتهم الكارثية بل لمسنا اننا بتنا نفتقد كل القيم والتقاليد الطيبة التي يوصف بها العراقيون والتي تشهد بمواقفهم في اصعب الظروف والمواقف. في زمن مضى كان لنا العديد من صور اللحمة عندما كانت القرى والاهوار العراقية تحتضن الثوار وتحميهم وتتحدى الموت كي تبقي على حياة من قررت ايواءهم غير مبالية بما يمكن ان يحصل لو اكتشفت الحكومات الظالمة امرهم ومايتبعه او تبعه من ابادة وتصفية قد تأخذ او أخذت الجميع. حتى في زمن الحصار الجائر كان العراقيون مثالا مشرفا للنخوة والاخاء والتلاحم ، لكن بعد احداث 2003 بدأنا نشعر بالخوف والقلق على ماتبقى من أواصر قد تجمعنا ولا تفرقنا، أصبحنا نتفرج على مصائب بعضنا البعض، والا بماذا نفسر لجوء نازحي الانبار الى اقليم كردستان في حين لم تبادر محافظة واحدة من الجنوب والوسط الى استقبالهم كأخوة هم جزء من هذا البلد لا ضيوف عليه، لم ألمس وجعا أبشع من دموع امرأة مسنة وهي على مقعد الطائرة المتجهة الى اربيل وتتمتم بحسرة ( يارب يسر ولا تعسر ) ذاهبة نحو المجهول تاركة بيتها ومدينتها ووجوه ألفتها ولا تعلم كيف سيكون الغد. ولا تلك النظرة القلقة في عيون شابة جامعية وهي عائدة لتؤدي الامتحانات النهائية وبين حين وأخر تتصل والدتها للاطمئنان عليها: اين أنت؟ وماذا تفعلين وكيف هو الوضع؟ هل انتِ بخير
اي أمتحان وأي قدر وأي مأزق نحن فيه اليوم؟
فمن الحكمة والعبرة ان يظهر في مثل هذه المحنة مجموعة من السياسيين العقلاء أو سياسي عاقل يرجع الامور نحو الصواب مستفيدا من ما امتلكه من خبرات عبر تجاربه في الماضي والحاضر، لأننا امام موقف يتطلب المزيد من الحكماء الذين يجب ان يأخذوا بنظر الاعتبار رعاية الناس وتأدية أعمالهم اليومية بغض النظر عن الدين والعرق والقومية والمذهب.