المنبرالحر

ماذا لو تحولت قضية اليمن السياسية الى قنبلة موقوتة؟ / خالد العبيدي

يرى بعض المراقبين والباحثين ان مجريات الاحداث التي تدور رحاها في اليمن انها قضية سياسية، وهي فعلا قضية سياسية وبالامكان حلها ومعالجتها من دون اللجوء الى القوة والحلول العسكرية وانما بالحوار والجلوس الى طاولة واحدة وطرح المشاكل المستعصية.
ان ايجاد الحلول والبدائل يمكن البلاد من الانتقال الى بر الامان، غير ان هذا الباحث سرعان ما سيغير رأيه بمجرد ان يصطدم بالحقيقة ويتعمق بسبر اغوارها ويسلط الضوء على مجرياتها، حينذاك سيكتشف ان ما توصل اليه من نتائج ما هي الا نسج من الخيال وربما نوع من الاوهام لان هناك دولا واطرافا خارجية تعمل ليلا ونهارا ومن وراء ستار لجعل الوضع الانساني في اليمن سيئا والصراع قائما واعمال الفوضى والدمار مستمرة وان لا تتوقف لان لها فيها منفعة ومصلحة ويمكن للمتابع ان يرى بوضوح ان هذه الجهات لم تعد خافية على احد او مجهولة فقد اصبحت معروفة لدى الجميع.
لهذا نجد ان السعودية وهي جزء مهم من اركان المشكلة تعتقد ان هناك مؤامرة تستهدف وجودها ونوايا غير حسنة تضمرها لها جمهورية ايران الاسلامية، الهدف منها السيطرة على اليمن ومن ثم السعي لتنفيذ المخطط التوسعي الايراني الممتد عبر الاراضي السعودية وصولا لكل ارجاء المنطقة العربية الخليجية، لذلك نجدها وبشكل علني تعطي كل الدعم والاسناد للحكومة الشرعية وتعتبر ان وقف اطلاق النار هو في ملعب الحوثيين، والحل يتطلب انسحابهم من المدن وتسليم البلاد للسلطة الشرعية من دون قيد او شرط. اما الجانب الآخر وهو الموقف الايراني، فكان على العكس من ذلك، فقد اعلنت الخارجية الايرانية رفضها للتدخل السعودي وايقاف عملياتها العسكرية وتدخلاتها بالشأن اليمني وترك اليمنيين يعالجون مشاكلهم بانفسهم للخروج من المأزق الذي وقعوا فيه. وابدت ايران تخوفها من تطور الاوضاع واعطت دعمها ومساندتها للقرارات التي تصدر عن اجتماع جنيف وفي تقديرها ان هذا الموقف سيؤدي الى تخفيف حدة التوتر وحل المشكلة من الاساس.
لذلك اصبح لزاما على الشعب اليمني وهو صاحب المصلحة الحقيقية لحماية وسلامة بلاده ان يعي هذه المسألة وان يقف موحدا بوجه التدخلات الخارجية وان يعيد النظر في جميع متطلباته لان مشكلته الاساسية هي سياسية ولا تحتاج لهذه الازدواجية او التدخلات الخارجية وان لا يترك المجال لما يسمى بمجلس التعاون الاسلامي وجامعة الدول العربية، ان يتلاعبوا بمقدراته ويصدروا الفتاوى والقرارات التي لم تجلب للشعب اليمني سوى الخراب والدمار. واعترافا بهذه الحقيقة نرى ان وجهة نظر الامين العام للامم المتحدة باعلان هدنة انسانية تتوقف فيها جميع العمليات والنشاطات العسكرية لكلا الطرفين خلال شهر رمضان امر في غاية الدقة والاهمية لما له من تأثير على مجمل الاوضاع السياسية في اليمن. ان النظرة الثاقبة للامين العام تدل دلالة واضحة على بعد الرؤى بحيث لا تترك الخيار لاي من الاطراف للتلاعب وتجاهل القرارات ومن الضروري ايضا ان يتوقف الحوثيون عن ممارسة اساليبهم وطريقة تعاملهم مع الشعب ومنها القتل والقمع والاعتقال التي ظهرت في الآونة الاخيرة وخاصة بعد قيام طائرات التحالف الدولي بقصف مواقعهم في معسكر السواد في صنعاء ودار سعد والعريش في عدن واشتداد سواعد المقاومة الشعبية ونشاطاتها في مواجهة التجاوزات الحوثية، وخاصة في المناطق التي تتواجد فيها قواتهم ومنها تعز وشيام ودمار والاهجر لان استمرارها في استخدام هذه الاساليب سيترك اثرا سلبيا يسهم في زيادة التوتر ويخلق اجواء غير آمنة خالية من الاستقرار وسيعطي لقوى الظلام الشرسة الفرصة لكي تمارس ألاعيبها وتنفذ مخططاتها ضد المصالح العليا للبلاد. لقد اظهرت النتائج التي كنا نتوقعها عن مؤتمر جنيف وما يدور بين اروقته مخيبة للآمال ولم تعط بوادر امل بحسن النوايا وصدق الوفاء، الامر الذي دفع المنظمة الدولية ان تعرض على الاطراف المجتمعة عشرة شروط غير قابلة للجدل والاستمرار بالعملية لحين ايجاد البدائل التي تكفل للشعب اليمني الامن والاستقرار وان يعاد النظر في لقاءات وجلسات قادمة بين الاطراف المختلفة الى ان تنتهي هذه المشكلة لان الجميع يتوقعون اذا ما استمر الحال على هذا الشكل وبقيت البلاد عرضة للقصف والدمار فسوف تنفجر القنبلة الموقوتة وسيؤدي انفجارها الى حرق العامي والشامي ولن ينجو من لهيبها اي طرف من الاطراف.