المنبرالحر

ويكليكس طائفيا ! / جاسم الحلفي

يكاد لا يخرج اي موضوع اليوم يخص أداء وسلوك المتنفذين وعلاقاتهم عن نطاق الطائفية السياسية. كل حدث او واقعة سياسية يخضعها الطائفيون اليوم في العراق الى التحليل الطائفي. الانجاز ان حصل سرعان ما يحسب طائفيا، والإخفاق والتلكؤ كذلك، حتى الارتماء في أحضان الأجنبي، او قل السهر على مصالح هذه الدولة الإقليمية او تلك على حساب مصالح العراق وشعبه، ينطلق من انحياز طائفي مخجل. لذا فليس عجبا حينما تسمع ان فضائح العار، التي وثقتها ويكيليكس، يتم مناقشتها من قبل المتنفذين من منطلق طائفي!. بطبيعة الحال ان الطائفية السياسية هي?عمى البصيرة، والسياسي الطائفي يصاب بمرض فقدان الذاكرة ما يجعله يفقد التوازن. لا يمهل الطائفي نفسه قليلا من الوقت، كي يتمعن في الأسماء التي وردت في فضيحة ( ويكيليكس العراق) التي ستلاحق الذين لم يحترموا عراقيتهم، ولم يبالوا بكرامة وطنهم، فالأسماء هي من كلا الطائفتين، وان صدرت من وزارة الخارجية السعودية.
إذا شاءت الظروف ونشر القائمون على (ويكيليكس) وثائق إيرانية، فبالتأكيد ستظهر أسماء من كلا الطائفتين، فكثيرة هي الزيارات والاتصالات التي قام بها سياسيون متنفذون من كلا الطائفتين للجارة إيران، والعديد من هذه الزيارات لا تقع ضمن المهام الرسمية لهم، اذ ان اغلب الزائرين لم يكونوا موظفين في السلك الدبلوماسي، وكذا الأمر ان تم كشف وثائق تركيا او مصر او الامارت او قطر. اما الدوائر الأمريكية، فلا زالت الذاكرة طرية و تحفظ الأسماء التي نشرتها وزارة الخارجية الامريكية ذات يوم، وشملت سياسيين ومثقفين وخبراء من كلا الطائف?ين، ومرفق معها المبلغ التي حصلت عليها كل شخصية.
لا تزيدنا هذه الوثائق قناعة بارتهان البعض لغير العراق، فلا حاجة للتذكير بمصادر المبالغ المالية الكبيرة التي أنفقت في الحملات الانتخابية في الانتخابات الأولى، حتى فاحت رائحتها وعدها البعض (انتخابات إقليمية تخاض باسم العراقيين)، اما تمويل الحملات الانتخابية اللاحقة فقد تكفل بها مال الفساد.
يراهن الطائفيون على ذاكرة الناس المتعبة، نتيجة المآسي والويلات والنكبات التي مرت، والأزمات المستفحلة التي هم صناعها، وكانت نتائجها وبالا على الناس الذين أصبح المستقبل لهم قاتماً فإنهم يركضون وراء المعيشة، والقلق هاجسهم من جرائم الإرهاب. يراهن الطائفيون الذين جعلوا موارد العراق مرتعا للفساد، على ان الناس سرعان ما تنسى وهو ما تجلى في العديد من المواقف وكأن الذاكرة أصيبت بعطب، فالنائبات كثر!
لقد عانى الناس الأمرين من سياسة هؤلاء، غير المكترثين بتصاعد مشاعر الرفض والتذمر، فالمتنفذون نجحوا في اللعب على وتر الطائفية، وصيروا أنفسهم حماة الطوائف ومنقذيها.
نعم نجحت هذه الخديعة المشينة، وربما تنجح مرة، او مرات اخرى، لكن في لحظة سيستعيد الناس ذاكرتهم، ويتعمق وعيهم، ويتوقد حماسهم، ويحسنوا تنظيم أنفسهم، و حشد طاقتهم، ويعلنوا رفضهم القاطع لكل من لعب بمصيرهم، واستغل مواردهم من دون وجه حق، وكسب وعظم ثرواته على حسابهم، ومن أسهم في إضعاف العراق لمصلحة الغير، ومن رهن مصير العراق بغير أهله. ولغة الرفض لا يستطيع احد التكهن بها وبمداها، فان للشعوب يوم حساب شديد.