المنبرالحر

مُحصّنون! / قيس قاسم العجرش

صادف أن زرتُ مباني مجالس المحافظات لعشرات المرّات وفي معظم محافظاتنا(أعني التي يمكن الوصول الى مجلس محافظتها) للقاء الأعضاء أو رئيس المجلس.
تتكرر الصورة النمطية التالية :
في العادة يُستقبل فريقنا للتصوير من قبل بعض العاملين في إعلام تلك المجالس، يرحّبون بنا بودٍّ بالغ، وفي العادة يجعلون الفريق الإعلامي يتجاوز التفتيش الروتيني وعملية تسليم الموبايلات عند الإستعلامات(لا أعرف مغزى منع الموبايل بالأصل). المهم يصطحبنا موظف في قسم الإعلام ويعرّفنا على مديره الذي يكلف بدوره شخصاً ما لمرافقتنا للقاء عضو المجلس المعني أو رئيس المجلس المعني.
ويتكرر دائماً أن يرافقنا موظف محدد كلّما أردنا لقاء عضو بعينه في المجلس، يعني حتى نلتقي بعضو المجلس المدعو(س) مثلاً فإن هناك موظف في الإعلام من أتباع (س)تحديداً هو من سيرافقنا، وهكذا.
بعض الاعضاء يخلقون داخل مبنى المجلس ما يشبه» الجناح الخاص»مرفق بحمام خاص ومكان خاص لتقديم الشاي والقهوة وغيرها وربما غرفة ضيافة غير غرفهم التي يعملون فيها ويجعلون حماياتهم يرتدون زيّاً متناظراً يميزهم عن الآخرين. أما رؤساء المجالس فبالتأكيد تكون «فخامتهم» أكثر وضوحاً.
وفي كل الأحوال لا ندخل على رئيس المجلس إنما يصحبنا المرافقون الى غرفة معينة أو قاعة وننتظر فيها ثم يدخل علينا السيد العضو أو الرئيس لنقف نحن له إحتراماً !...وهذه حيلة تعلموها من رؤساء الكتل الكبرى، حتى لا يضطر للنهوض لمن يدخل، باعتباره (كبير بخت!).
أطرف غرفة استقبال كانت لرئيس إحدى المحافظات الكبيرة، كانت قاعة فخمة يتصدّرها كرسيين مبهرجين وخلفهما علم المحافظة وعلم الكتلة التي ينتمي اليها رئيس المجلس إضافة الى العلم الرسمي للجمهورية. وفيها ايضاً صفّين طويلين من أطقم القنفات المبهرجة واللامعة.
بعدها انتقلنا الى غرفة رئيس المجلس وكانت للعجب صغيرة بلا نوافذ مطلقاً ويتم الدخول اليها عن طريق مجاز بلا نوافذ أيضاً وكان سقفها أوطأ من سقف المبنى.
وحين سألته عن هويّة هذه الغرفة، ولماذا هي بلا نوافذ، قال: إنها غرفة للعمل وهي محصّنة ضد القذائف! أو اي خرق امني، لربما يتعرض المبنى الى احتلال من قبل إرهابيين فتكون هذه الغرفة حصناً مؤقتاً لنا وفيها منفذ جانبي يؤدي مباشرة الى كراج السيارات! وانتبهت هنا الى ان الباب كان حديدياً مدرّعاً بعناية وغلظة.!
لا أعرف لماذا تذكرت هذه الغرفة وأنا أنظر بهلع الى صور خراب قنبلة الخطأ التي سقطت في «النعيرية» شرقي بغداد.